صوامع مرفأ بيروت التي لم يحطّمها الانفجار بالكامل شُيّدت في زمن الدولة العثمانيّة؟

بعد أيام على انفجار مرفأ بيروت الذي حوّل العاصمة اللبنانية إلى مدينة منكوبة، وفي ظلّ حرب الأخبار الكاذبة بين مؤيدين ومعارضين للسياسة التركية في المنطقة، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية خبراً مفاده أن صوامع القمح في مرفأ بيروت، التي ظلّ جانب منها قائماً رغم الدمار الكبير الذي لحق بها، هي من إنجازات الدولة العثمانية التي حكمت لبنان حتى العقد الثاني من القرن العشرين. لكن هذا الخبر غير صحيح، وهذه الصوامع شيّدت في أواخر الستينات من القرن العشرين، أي بعد نصف قرن على انتهاء الحكم العثماني للبنان.

جاء في المنشور الذي تداوله آلاف المستخدمين على مواقع فيسبوك وتويتر وإنستغرام من بينهم إعلاميون معروفون عادوا وحذفوا المنشورات، إضافة لبعض المواقع الإلكترونية، أن هذه الصوامع الخرسانية التي صمدت نسبيّاً أمام قوة الانفجار بناها العثمانيون قبل 200 عام.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 8 آب/أغسطس 2020 من موقع فيسبوك

وكتب بعضهم "إن لم تقدّم تركيا شيئاً في هذه الأزمة، يكفي أنها أنقذت الأرواح"، على اعتبار أن الصوامع حجبت قسماً من قوّة الانفجار عن العاصمة.

ظهر هذا الخبر على مواقع التواصل على إثر الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت وأسفر عن عشرات القتلى وآلاف الجرحى ودمار واسع في أحياء العاصمة.

الصوامع ليست عثمانية

وإذا كانت بيروت ما زالت تحتضن إرثاً عمرانياً غنيّا يعود للعهد العثماني، من قصور ومنشآت وحدائق عامّة، إلا أن صوامع المرفأ لا علاقة لها بالدولة العثمانية التي انتهت سيطرتها على لبنان في العام 1918.

وتعليقاً على انتشار هذا الخبر على مواقع التواصل، قال موسى خوري الذي شغل منصب مدير إهراءات بيروت بين العامين 2014 و2017: "هذا خبر غير صحيح".

وأضاف في حديث لوكالة فرانس برس "بدأ بناء الإهراءات (الصوامع) في العام 1965 وانتهى في العام 1969، وكان بمنحة كويتيّة".

وأيّد ذلك الكاتب والباحث المتخصّص بتاريخ بيروت سهيل منيمنة الذي يرئس حالياً جمعيّة "تراثنا بيروت" المتخصّصة بتوثيق تاريخ العاصمة.

وقال في اتصال مع فرانس برس "هذا الخبر غير صحيح، انتهى بناء الصوامع قرابة العام 1970، وقبل ذلك كانت الحبوب تخزّن في مخازن صغيرة بنيت في العام 1948".

وقال المؤرّخ والأستاذ الجامعي حسّان حلّاق وهو صاحب كتب عدّة عن تاريخ بيروت "في أواخر القرن التاسع عشر، لقي مرفأ بيروت اهتماماً كبيراً من الدولة العثمانية، ولاسيما في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وتحوّل من مرفأ متواضع إلى مرفأ بكلّ معنى الكلمة، وإلى جانبه مرافق مثل الكرنتينا (للحجر االصحّي) والبنك العثماني، وموانئ متخصّصة ببضائع معيّنة، هي ميناء البطيخ وميناء البصل وميناء الخشب وميناء القمح".

وأضاف "لكن الصوامع القائمة حالياً ليست من تركة الدولة العثمانية، بل هي حديثة".

 

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا