مشاهد الفيديو قديمة لا علاقة لها بهاواي وليست إثباتاً على أنّ الحرائق مفتعلة

في الثامن من آب/أغسطس 2023 اجتاحت حرائق مدمّرة جزيرة ماوي في هاواي متسببة بمقتل أكثر من 110 أشخاص. وظهرت منذ ذلك الحين، على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تدّعي أنّ الحرائق مفتعلة بـ"أسلحة طاقة موجّهة"، وآخرها فيديو يظهر أشجاراً غير محترقة بين بيوت محترقة في ما اعتُبر دليلاً على "افتعال" النيران. إلا أنّ الفيديو لا علاقة له بهاواي بل هو مصوّر قبل سنوات في كاليفورنيا، أما عدم احتراق الأشجار فقد يكون لعوامل طبيعية وفق الخبراء.

تضمّ المنشورات مقطعي فيديو، تبدو في الأول منازل تحولت إلى رماد ومن حولها أشجار حافظت على خضرتها. أما الثاني فيصوّر ما يبدو أنه انفجار بالقرب من محطة وقود ليلاً.


Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 28 آب/أغسطس 2023 عن موقع فيسبوك

وعلّق ناشرو المقطعين بالقول "هذا ما حدث في ماوي. كان هذا هجومًا مستهدفًا ضد الأبرياء من سكان هاواي".

وأضاف التعليقات "كما ترون من الفيديو هذا، فإن أسلحة الطاقة الموجّهة بطريقة ما تحرق المنازل والمباني والسيارات فقط ولكن لا تحرق الأشجار".

اجتاحت هذه المنشورات مواقع التواصل بلغات عدّة كالفرنسية والإنكليزية والكرواتية والصربية حاصدة آلاف التفاعلات. وتروّج هذه المنشورات لنظريّة مؤامرة تشير إلى أنّ الكارثة مفتعلة وسببها أسلحة ليزر أو أسلحة طاقة موجهة.

مشاهد قديمة

إلا أنّ الفيديوهات لا علاقة لها بكلّ ذلك. وبالإمكان التنبّه إلى أنّ الكساء النباتي مختلف في الفيديو عما يبدو عليه في هاواي.

على ضوء ذلك، جرى البحث عن اسم الموقع الوارد على فيديو الأشجار "viewer.hangar.com".

إلا أنّ الموقع غير متاح حالياً، وبحسب النسخ المؤرشفة له فهو منصة تُنشر عليها صور ملتقطة بالطائرات المسيرة.( 1، 2، 3).

من ثمّ، جرى البحث عن الفيديو بتقطيعه إلى مشاهد ثابتة وباستخدام أداة INVID، ما أرشد إلى مقالات منشورة في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 وتتناول حرائق "كامب فاير" التي اجتاحت كاليفورنيا آنذاك (1، 2، 3). (مؤرشفة هنا 1، 2، 3).

ولا تضمّ المقالات المقطع نفسه إلا أنّ المشاهد فيها تشبه إلى حدّ كبير ما يبدو في الفيديو.

وقبل حرائق هاواي اعتبرت حرائق "كامب فاي" الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة، وقد دمرت بلدة اسمها بارادايس وأسفرت عن مقتل 86 شخصاً.

وتقع بلدة بارادايس في مقاطعة "بات" التي وضعت عدّة خرائط تفاعلية توضّح آثار دمار الحرائق فيها، ما سمح لوكالة فرانس برس بالتّعرف على المكان المصوّر في الفيديو المضلّل.

ففي الخريطة والفيديو يمكن ملاحظة مبنى يشبه مركزاً تجارياً وخلفه رقعة على التقاطع بين شارع كلارك وشارع إيليوت.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة عن موقع فيسبوك (يسار) وصورة ملتقطة من الشاشة من موقع buttecounty.net (يمين) بتاريخ 21 آب/أغسطس 2023

وبمواصلة البحث في شارع إيليوت يمكن العثور على الرقعة المصوّرة في الفيديو. وتؤكد كلّ العناصر أنّ المكان هو نفسه: المنازل التسعة المحترقة (أحمر) بمواجهة ثلاثة منازل (أزرق) ودوار مروري (أخضر). ومن الجهة الثانية يمكن ملاحظة المنزل الذي لم تطله النيران (زهري) والشجرتين الحمراوتين (أصفر).

Image
صورة ملتقطة من الشاشة عن موقع فيسبوك (يسار) وصورة ملتقطة من الشاشة من موقع buttecounty.net (يمين) بتاريخ 21 آب/أغسطس 2023

وتُظهر صور نشرها موقع The Daily Beast المبنى نفسه قبل الحرائق وبعدها في بلدة بارادايس في تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة عن موقع فيسبوك بتاريخ 21 آب/أغسطس 2023

الفيديو الثاني

أما الفيديو الثاني فلا علاقة له أيضاً بحرائق هاواي.

فالتفتيش عنه يرشد إليه منشوراً في كانون الأول/ديسمبر 2018 على قناة WWL-TV الأميركيّة على يوتيوب (1) وإكس (2) (تويتر سابقا).

وبحسب القناة، فإن الفيديو يُظهر انفجارات كهربائيّة في "ويليام بولفارد" في كينير (لويزيانا)، نتجت عن رياح عاتية وأدى إلى انقطاع التيار لدى أكثر من 10 آلاف شخص.

أشجار استحالت رماداً في ماوي

وبعكس ما روّجت له المنشورات، شملت ألسنة النيران الكساء النباتي أيضاً في ماوي.

فلقد حوّلت الحرائق المنازل والمباني والنباتات إلى رماد. وأشارت تقارير إعلاميّة أميركيّة إلى أنّ غابات اختفت وأشجاراً احترقت وأنواع نباتيّة باتت مهدّدة بالانقراض.

لكن هل يمكن ألا تحترق الأشجار؟

بحسب المكتب الوطني الأميركي للغابات، "لا تحترق كلّ الأِشجار عندما تشب النيران بشكل عام".

وفي حديث لوكالة فرانس برس في 21 آب/أغسطس 2023 قال المكتب "العشب والشجيرات هي أول شيء يحترق. وفي حال كانت هذه النباتات نامية وصولاً لرؤوس الأشجار، يمكن حينها أن تحترق هذه الأشجار".

وينتشر الحريق من شجرة لأخرى في حال كانت الأشجار متلاصقة، أما الأشجار البعيدة فتبقى بمنأى عن النيران، وفقاً للمكتب.

أما كاميل ستيفنز رومان وهي نائبة مدير الأبحاث في معهد استعادة الغابات في كولورادو، فقالت لفرانس برس في 15 آب/أغسطس إن النيران لا تطال الأشجار بنفس الطريقة.

وأوضحت "تحتوي الأشجار الاستوائية كالتي تنمو في هاواي، على نسبة كبيرة من المياه ما يجعلها أكثر مقاومة للنيران".

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا