هذه القصيدة كُتبت حديثاً ونُسبت إلى شخصية غير موجودة في العصر العباسي

في سياق الأخبار الغرائبيّة التي ظهرت مع انتشار فيروس كورونا المستجدّ، تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية قصيدة قيل إنها تعود إلى القرن الثاني عشر للميلاد وإن كاتبها تنبأ فيها بهذه الجائحة. لكن هذا المنشور كاذب والقصيدة كُتبت حديثاً.

يضمّ المنشور صورة لقصيدة متعدّدة القوافي قيل إنها من كتاب "عظائم الدهور"، وإن كاتبها يُدعى أبو علي الدبيزي، فيها عبارات تصف حال العالم في ظلّ انتشار فيروس كورونا المستجدّ.

ومن الأبيات في هذه القصيدة: "عندما تحين العشرون، قرون وقرون وقرون، يجتاح الدنيا كورون، من فعل البشر الضالّون".

وكتب أعلى القصيدة أنها مكتوبة سنة 565 للهجرة.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 23 كانون الأول/ديسمبر 2020 من موقع فيسبوك

انتشرت هذه القصيدة على نطاق واسع جداً على مواقع التواصل باللغة العربية من فيسبوك وتويتر إضافة إلى تطبيق واتساب، وأثارت دهشة الكثيرين لما تنطوي عليه من تفاصيل تتشابه تماماً مع ما جرى في زمن جائحة كوفيد 19.

وبحسب ما وقع عليه فريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، بدأ انتشار هذه القصيدة في آذار/مارس الماضي، أي بالتزامن مع انتشار الفيروس في المنطقة العربية على نطاق واسع وبدء اعتماد دول المنطقة إجراءات الإقفال والحجر المنزلي.

ونسبت بعض المنشورات هذه القصيدة إلى "أبو علي التبليسي"، أو إلى "أبو علي الدبيزي"، ومنهم من نسبها إلى "أبو تبسي التبليسي" أو "أبو حرب ولائي العنكشاوي"، وهي أسماء لا وجود لها في كتب أصحاب المصّنفات ويبدو أنها استخدمت على سبيل السخرية، لكن الادعاء انتشر على نطاق واسع على أنه صحيح.

ومن المنشورات ما جاء فيها أن القصيدة من كتاب اسمه "عظائم الدهور" أو "عجائب الدهور" في منشورات أخرى، وقال بعض المستخدمين إنه منشور في القرن السادس للهجرة، أي القرن الثاني عشر للميلاد، ومنهم من قال إن الكتاب نشر عام 85 للهجرة وهو ما لا يصحّ إذ إن علماء المخطوطات لم يعثروا حتى الآن على كتب أو مخطوطات تعود إلى ذلك الزمن، ما عدا المصاحف أو ما دوّن من وثائق صغيرة أو رسائل، بحسب ما أوضحت الباحثة اللبنانية عليا كرامي المتخصّصة في المخطوطات الإسلامية لوكالة فرانس برس.

من جهة أخرى، لا يمكن العثور على كتاب باسم "عظائم الدهور"، أو "عجائب الدهور"، سوى على المواقع والصفحات التي نشرت هذه القصيدة، وهي صفحات لا تتمتّع بأي صدقية.

عناصر في النصّ تستبعد أن يكون قديماً

تنظوي القصيدة المتداولة على عدد من العناصر تجعل من المستبعد الاعتقاد بأنها تعود إلى القرن الأول أو السادس للهجرة.

ففي البيت الثاني من القصيدة ترد عبارة "كورون من فعل البشر الضالون". ولا يُتصوّر أن تتضمّن قصيدة فصيحة في ذلك الزمن خطأ رُفعت فيه كلمة "الضالّون"، فيما هي في محلّ جرّ لكونها نعتاً للبشر، المجرورة بالإضافة.

ومن الأخطاء الواردة أيضاَ كلمة "ولات الأمور"، والمقصود "ولاة الأمور"، إضافة إلى استهلال القصيدة بالإشارة إلى التقويم الميلادي "عندما تحين العشرون"، وهو أمر مستبعد لدى العرب في القرون الأولى بعد الإسلام، حين كان التقويم الهجري هو المرجع.

وتنطوي القصيدة على ركاكة في التعبير، واستخدام كلمات مثل "الطليان" عن الإيطاليين وليس الروم، تعزّز الاعتقاد بأن هذه القصيدة لم تكتب قبل زمن بعيد.

رأي الأزهر

أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بياناً تناول فيه هذه القصيدة، داعياً إلى عدم تصديق هذا النوع من "النبوءات".

وجاء في البيان أن الكاتب المزعوم شخصية "مبهمة" وأنه لا يوجد كتاب باسم عظائم الدهور.

وأشار البيان أيضاً إلى ما في القصيدة من "ركاكة وضعف" لا يتماشيان مع "أساليب الكتابة العلميّة الرصينة في القرن السادس الهجري".

ولفت البيان أيضاً إلى أن اختلاف القوافي في القصيدة ينفي أن تكون من ذلك الزمن، لأن "قصائد الشعر العربي لم تخرج عن وحدة القافية حتى العصر الأندلسي".

وسبق أن أصدرت صحف ومواقع تُعنى بالردّ على المنشورات الكاذبة تقارير عن هذه القصيدة، منها صحيفة النهار اللبنانية.

 

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا