هذه السيدة تصرخ بوجه الشرطة الفرنسية حتى تتوقف عن قمع "السترات الصفراء"

يتداول مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لسيدة فرنسية تتحدّث منفعلة في أحد الشوارع، وقد تُرجمت أقوالها إلى اللغة العربية  في أسفل الفيديو على أنها توبّخ المتظاهرين وتطلب منهم ألا يفعلوا ببلدهم "ما فعله العرب بأوطانهم". لكن الادعاء كاذب والترجمة خطأ ولا تتطابق مع أقوال السيدة التي كانت في الحقيقة تصرخ بوجه الشرطة غضباً من قمع المحتجين.

تظهر في مقطع الفيديو سيدة ثائرة تصرخ متأثرة في الشارع فتخلع سترتها وتجثو على ركبتيها، وقد طغت على صراخها موسيقى عالية تمنع سامِعها من فهم ما تقوله بوضوح.

ويظهر في أسفل الشاشة ما يوحي بأنه ترجمة إلى اللغة العربية  لما تقوله بالفرنسية: " لماذا تفعلون هذا، لماذا تحرقون وطنكم، ألم تشاهدوا ماذا فعل العرب بأوطانهم، أين هم الآن، أصبحوا لاجئين في كل مكان ويلقون لهم الطعام من الطائرات، ماذا فعلت لهم المظاهرات، أنا أمامكم اقتلوني أنا، ولا تقتلوا وطنكم، أحرقوني ولا تحرقوا باريس، أرجوكم لا تحرقوا باريس، لماذا تحرقون وتدمّرون الوطن".

وجاء أيضاً في هذه الترجمة: "أنظروا لمستقبل أولادكم، أتريدوننا لاجئين يساومون علينا، أرجوكم انظروا إلى الشرق، أصبحت نساؤهم تباع في سوق النخاسة، حافظوا علينا وعلى مستقبلكم، هل ترون مستقبلاً في خراب بلدنا، هل ترون مستقبلًا، أقول لكم مرة أخرى اقتلوني، ولا تحرقوا فرنسا ولا تدمّروها".

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 24 كانون الثاني/ يناير 2020 عن موقع فيسبوك

 

انتشر هذا المقطع على نطاق واسع جدا على صفحات مستخدمي فيسبوك باللغة العربية وقد شاركه من هذه الصفحة وحدها أكثر من 50 ألف شخص، والآلاف غيرهم من صفحات أخرى (1، 2، 3...)

السترات الصفراء في فرنسا

بدأ انتشار هذا المقطع في كانون الأول/ ديسمبر 2018 أي بعد شهر واحد من انطلاق الحركة الاحتجاجية في فرنسا المعروفة باسم السترات الصفراء.

ففي 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 نزل نحو 300 ألف شخص بحسب السلطات إلى الشوارع في فرنسا مرتدين سترات صفراء استجابة لنداء على فيسبوك، في تحرك خارج عن أي إطار سياسي أو نقابي احتل مئات المستديرات احتجاجاً على تدنّي القدرة الشرائية.

في منتصف آذار/مارس 2019 حظرت السلطات هذه التظاهرات بعدما شهد أحد أيام الاحتجاجات أعمال تخريب في باريس.

وبعدما قدّمت الحكومة تنازلات مثل صرف مكافآت ورفع الضرائب عن ساعات العمل الإضافية ونظمت حواراً وطنياً واسعاً، تراجع زخم حراك "السترات الصفراء" تدريجياً حتى الربيع ولم يعد يجمع سوى بضعة آلاف. 

ولا يزال لدى المتظاهرين العديد من المطالب، مثل خفض الضريبة على المواد الأولية الضرورية، فرض ضريبة على رأس المال، وإجراء "استفتاء مبادرة شعبية".
 

حقيقة الفيديو

جرى البحث عن المقطع بالضغط على خانة الفيديو في محرك غوغل وباستخدام كلمات مفتاحية باللغة الفرنسية مثل  "désespoir d'une femme" ،"cri d'une femme gilet jaune" (صرخة سيّدة من السترات الصفراء، يأس سيّدة من السترات الصفراء). 

إثر ذلك وقع فريق تقصي صحة الأخبار في وكالة فرانس برس على رابطين أحدهما من موقع تويتر والثاني من يوتيوب وكلاهما بتاريخ الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 2018 أي قبل أيام قليلة من انتشاره مع الترجمة الخطأ على فيسبوك. 

وتظهر في المقطعين السيدة عينها وهي تصرخ باللغة الفرنسية ولا علاقة لما تقوله بالترجمة التي ظهرت على المقطع المتداول على صفحات فيسبوك.

ويحمل المقطع على موقع يوتيوب عنوان السترات الصفر: صرخة يأس من امرأة باريس/ فرنسا - 1 ديسمبر 2018. وهو منشور عبر قناة وكالة "إل دي سي نيوز". مع التحذير من أن استخدام هذه الصور لغايات تجارية أو غير تجارية ممنوع.

أما على موقع تويتر فقد كتب تحت وسم #السترات الصفر" امرأة تعبر عن يأسها أمام عناصر الشرطة الفرنسية".
 

وتقول السيدة في الفيديو الأصلي (مع حذف الكلمات النابية): "لسنا مسلّحين حتى، انظروا ما الذي تفعلونه بنا، يجب أن تخجلوا من أنفسكم، ما تقومون به مخجل، سقط جرحى، لسنا مسلّحين، لا نحمل أسلحة، لماذا تفعلون هذا بنا، لسنا مسلحين، انضموا إلى صفوفنا، ابكوا معنا، لماذا؟ لماذا تتسببون بسقوط الجرحى؟ سقط قتلى! اخجلوا، لديكم أطفال و زوجات وأزواج وإخوة، لا نحمل الكره، انظروا، لا نحمل شيئا، لا نشعر حتى بالكره تجاهكم، نطالبكم بالانضمام إلينا من أجل الشعب! من أجل فرنسا، الشعب الفرنسي، أنتم الشعب، أنتم مثلنا أنتم أخوتنا وأخواتنا".

وتستدير المرأة متوجهة إلى الأشخاص الذين يصورونها قائلة: "لا تفعلوا ذلك، لا تفعلوا ذلك…!"

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا