هذا الفيديو لا يظهر القوات التركيّة وهي تفتح سجوناً لمعتقلين من تنظيم الدولة الإسلامية

بالتزامن مع عمليّة "نبع السلام" العسكريّة التي تشنّها تركيا منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019 ضد مناطق سيطرة الأكراد في الشمال السوري، يتداول مستخدمون لموقع فيسبوك فيديو يدّعي ناشروه أنّه يصوّر تحرير الجيش التركي سجناء من تنظيم الدولة الإسلامية محتجزين في معتقل. لكنّ الفيديو جزء من تقرير صحافي بريطاني بثّ قبل بدء الهجوم التركي، وصوّر في سجنٍ تديره القوات الكرديّة. 

بماذا نحقق؟

يظهر في الفيديو سجناء يرتدون زياً موحداً باللون البرتقالي ويقبعون في قاعات مكتظّة تحت حراسة عناصر عسكريّين. وفي الثواني الأخيرة من الفيديو يظهر عشرات منهم يركضون خارج بوّابة السجن. ويسمع تعليقٌ باللغة الإنكليزيّة أضيف إليه صوت موسيقى.

وجاء في النصّ المرافق للفيديو "القوات التركية تقوم بفتح سجون داعش .. و تحرير الإرهابيين الدواعش الذين تم اعتقالهم مسبقاً من قبل القوات السورية".

نال الفيديو أكثر من ألف و700 مشاركة عبر هذه الصفحة فقط بالإضافة إلى مئات المشاركات عبر صفحات أخرى. 

سياق انتشار الفيديو

بدأت تركيا في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019 عملية برّية وجوّية في شمال شرق سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية، التي دعمها الغرب في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بعد يومين من سحب واشنطن عشرات من جنودها من نقاط حدودية في شمال سوريا، ما بدا بمثابة ضوء أخضر أميركي لتركيا.

وتصف أنقرة هذه الفصائل بأنها "إرهابية" لاعتبارها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي خاض تمرداً داميا داخل الأراضي التركية. 

وأبدت دول أوروبية عدة قلقها البالغ من تداعيات أي هجوم تركي على المعركة ضد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية مع انصراف المقاتلين الأكراد إلى مواجهة تركيا. وطالبت الإدارة الذاتية الكردية مراراً خلال الأشهر الماضية الدول الغربية باستعادة رعاياها من المقاتلين وأفراد عائلاتهم، لمحاكمتهم لديها.

وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر اعلنت قوات سوريا الديموقراطية فرار خمسة معتقلين من تنظيم الدولة الإسلامية من سجن "نفكور" بعد سقوط قذائف تركية في جواره في مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا. وكان أحد حراس السجن قال في وقت سابق لوكالة فرانس برس إن هذا السجن يضم "مقاتلين أجانب من التنظيم".

وأفاد قيادي آخر في قوات سوريا الديموقراطية عن سقوط قذائف "باستمرار" قرب سجن "جيركين" الذي يؤوي أيضاً عناصر من التنظيم في المدينة. 

وتعتقل قوات سوريا الديموقراطية 12 ألف عنصر من التنظيم، وفق ما قال مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية عبد الكريم عمر لفرانس برس، وبينهم 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي من 54 دولة. 

ويتوزع هؤلاء على سبعة سجون مكتظة في عدة مدن وبلدات، بعضها عبارة عن أبنية غير مجهزة تخضع لحراسة مشددة.

ما حقيقة الفيديو

بعد تقطيع التسجيل إلى صورٍ ثابتة أرشد البحث عنها عبر موقع غوغل، إلى الفيديو نفسه منشوراً على مواقع بريطانيّة عدّة، وتعود النسخة الأقدم لموقع صحيفة "ذي تايمز" بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2019، أي قبل بدء العملية التركية.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة بتاريخ 14 تشرين الأول/أكتوبر 2019 عن موقع "ذي تايمز"

كما نشرت تقارير عنه على مواقع أخرى هنا وهنا.

ونشرت الصحيفة البريطانيّة الفيديو في إطار تقرير بعنوان "سجنٌ يشكّل قنبلة موقوتة يضمّ 5 آلاف مقاتل من داعش". 

وجاء في التقرير أنّ السجن الذي تشرف عليه القوات الكردية يقع شمال سوريا، ويضمّ مقاتلين أجانب من الجنسيات الفرنسيّة والبريطانية والبلجيكيّة والأميركيّة، اعتقلوا خلال معركة الباغوز، آخر معركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا جرت في آذار/مارس، وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية بعدها القضاء على "خلافة" التنظيم بتجريده من كل مناطق سيطرته.

كما تحدّث التقرير عن الظروف اللا إنسانيّة التي يعيشها السجناء  في قاعات مكتظّة.

وأبدى المسؤولون الأكراد مخاوف أمنية، وعرض التقرير شريطاً ملتقطاً قبل أسبوعين، أي قرابة 16 أيلول/ سبتمبر، تظهر فيه محاولة فرار، تمكن الحراس من السيطرة عليها. 

ولا يزال تنظيم الدولة الإسلامية يحتفظ بخلايا ومقاتلين في بعض المناطق في سوريا، رغم انهياره في كل المناطق التي سيطر عليها في 2014.

 

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا