هذه الصورة التقطت خلال أحداث في جنوب تايلاند، وليس في بورما

يتداول عشرات الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صورةً يدّعي ناشروها أنها لمسلمين في بورما يتعرّضون للتعذيب. هذا الادعاء كاذب، فالصورة ملتقطة خلال أحداث في جنوب تايلاند عام 2004 أسفرت عن سقوط عشرات القتلى قضى بعضهم بالرصاص والآخرون اختناقا في شاحنة عسكرية.

يظهر في صورة المنشور عشرات الشبان الممدّدين أرضًا على بطونهم، عراة الصدر وحفاة الأقدام، فيما يحيط بهم جنود. 

وجاء في المنشور "لن التمس أي عذر حسبي الله ونعم الوكيل في كلّ شخص شاهد المنشور ولم يشارك ليري العالم أجمع معاناة مسلمين بورما يعذبون...بأبشع الطرق".

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 27 كانون الثاثني/ يناير 2020 عن موقع فيسبوك

بدأ تداول هذه الصورة في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2019 وانتشرت على نطاق واسع جدا على صفحات موقع فيسبوك باللغة العربية، وشاركها من هذه الصفحة وحدها أكثر من 59 ألف مستخدم وعشرات آلاف الآخرين على صفحات أخرى.

أزمة المسلمين الروهينغا في بورما

تعدّ بورما نحو مليون نسمة من الروهينغا، وهي أقليّة مسلمة مهمّشة ومضطهدة في البلد ذي الغالبيّة البوذيّة. وترفض السلطات منحهم الجنسية أو الحقوق الأساسية، وتشير إليهم باسم البنغال، معتبرة أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلادش.

وتدور منذ العام 2012 أعمال عنف بين البوذيين والروهينغا، تعود جذورها إلى زمن تقسيم الهند البريطانية التي كانت تشمل بورما وبنغلادش.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2016 شنّ الجيش البورمي عملية قمع واسعة ضدّ الروهينغا إثر مهاجمة عناصر من مجموعة مسلحة صغيرة من هذه الأقليّة مراكز حدودية في شمال ولاية راخين. واتُهمت قوات الأمن بارتكاب الكثير من الفظاعات.

وفي آب/أغسطس 2017 نفّذت سلطات بورما حملة أمنيّة دامية ضدّ الروهينغا بعدما شنّ مسلّحون منهم هجمات على مراكز للشرطة. ودانت الأمم المتحدة الحملة ووصفتها بأنها ترقى إلى التطهير العرقي، وطالب محققون دوليّون بمحاكمة قادة الجيش بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.

فتحت هذه الأحداث الباب لظهور مقاطع وصور كثيرة، لكن تبيّن أن كثيراً منها ليست صحيحة، مثل مقطع وصور تناولتها فرانس برس في تقريرين في شباط/فبراير وتموز/يوليو الماضيين. 

أحداث تاك باي

إلا أن هذه الصورة لا علاقة لها بالمسلمين الروهينغا أو مسلمي بورما عموماً، بل التقطتها وكالة فرانس برس في تاك باي بجنوب تايلاند عام 2004، ويظهر فيها ثلاثمئة متظاهر ممدّدون أرضا عراة الصدر بعدما أوقفهم عناصر الشرطة والجيش أمام مقرّ شرطة المدينة الواقعة في محافظة ناراثيوات.

Image

 

ولتايلاند تاريخ طويل من أعمال العنف السياسية المرتبطة بتظاهرات حاشدة وانقلابات وحكومات لم تعمر طويلاً.

ويشهد هذا البلد حركة تمرد انفصالية مستمرة منذ 2004 في الأقاليم الجنوبية المحاذية للحدود مع ماليزيا، وأسفر النزاع عن سقوط أكثر من سبعة آلاف قتيل معظمهم من المدنيين.

وإذا كانت طبيعة النزاع سياسية، إلا أنه اتخذ بعداً دينياً بين السكان الذين ينتمون بمعظمهم إلى إتنية المالاي ويعتنقون الإسلام، وسلطات البلد ذي الغالبية البوذية.

وجرت أسوأ حوادث في المنطقة في تشرين الاول/اكتوبر 2004، حين قتل سبعة متظاهرين وأصيب العشرات برصاص قوات الأمن خلال مسيرة في تاك باي احتجاجاً على توقيفات اعتباطية.

وأوقفت الشرطة حوالى ثلاثمئة متظاهر وأرغمتهم على خلع قمصانهم والتمدد أرضاً والزحف إلى شاحنة تم تكديسهم فيها لنقلهم إلى معسكر لاعتقالهم فيه. وقضى 78 منهم اختناقاً خلال نقلهم، في مأساة لم يعاقب مرتكبوها وما زالت مطبوعة في أذهان الجميع.

ولا ينتمي المتمردون في تايلاند إلى الحركة الجهادية العالمية، بل يحتجون على التمييز ضد المالاي المسلمين.

 

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا