هذه الصور لا تُظهر توقيف عملاء بين المحتجين في العراق

تداول آلاف مستخدمي موقع فيسبوك باللغة العربية منشورات مرفقة بصور على أنها تُظهر القبض على عملاء لإسرائيل أو لدولة الإمارات والأردن يحرّضون المحتجين ويقطعون الطرقات في العراق، لكن هذا الادعاء غير صحيح والصور المرفقة تعود لأحداث مختلفة جرت في أوقات سابقة ولا علاقة لها بتظاهرات العراق.

 

يظهر أحد هذه المنشورات صورتين لأشخاص يبدو أنهم موقوفون، في الصورة الأولى وضع الموقوفون بمواجهة جدار، وفي الصورة الثانية يظهر عدد من الأشخاص عراة الصدر وقد أُجلسوا أرضاً ورؤوسهم منكّسة.

وجاء في التعليق المرافق للصور "القبعات الزرقاء بالتعاون مع القوات الأمنية تفكك أكبر شبكة داخل المتظاهرين في النجف وبابل، اعترفو باستلامهم ملايين الدولارات من الأردن والإمارات لتعطيل المدارس وحرق الشوارع والتحريض على القوات الأمنية، ويقومون باغتصاب الطالبات بعد اقتيادهن بالقوه بحجة مكافحة الدوام".

وأصحاب القبّعات الزرقاء هم أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

 

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 10 شباط/فبراير 2020 من موقع فيسبوك

 

وحصل هذا المنشور من هذه الصفحة وحدها على أكثر من 1100 مشاركة وعلى مئات المشاركات من صفحات أخرى.

وبحسب ما وقع عليه فريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، ظهر هذا المنشور مطلع شهر شباط/فبراير الحالي.

 

"عملاء لإسرائيل"

وفي الآونة نفسها ظهر منشور آخر مرفق بصور أخرى يدعي ناشروه أنها تُظهر القبض على عملاء لإسرائيل في صفوف المحتجّين.

وتُظهر إحدى الصور أربعة شبان موقوفين، أمام طاولة وضع عليها ما يبدو أنها مضبوطات، منها أسلحة، وصورة أخرى تُظهر شبّانًا جالسين والقيود في أيديهم، أمام طاولة عليها رزمات من الدولارات.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 10 شباط/فبراير 2020 من موقع فيسبوك

 

وجاء في التعليق المرافق "سرايا السلام والقوات الأمنيه تفكّك أكبر شبكة إسرائيلية من داخل مطعم التركي وتم التحقيق معهم وقالوا إنهم يستلمون الأموال من إسرائيل وأميركا لقطع الطرق والمدارس وتحريض المحتجّين على قتل القوات الأمنية".

وسرايا السلام تابعة أيضاً للزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وحصل هذا المنشور على أكثر من 800 مشاركة من هذه الصفحة وحدها إضافة إلى مئات المشاركات من صفحات أخرى.

 

توتّر بين التيار الصدري والمحتجّين

انطلقت الاحتجاجات في العراق في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019 في بغداد ومدن جنوبية للمطالبة بإجراء إصلاحات واسعة و"إسقاط النظام" وتغيير الطبقة السياسية التي تحكم البلاد منذ 16 عاما، لاتهامها  بـ"الفساد" و"الفشل" في إدارة البلاد وإهدار ثرواته في حين يعدّ من أغنى دول العالم بالنفط.

وبعد شهرين من التظاهرات، استقالت حكومة عادل عبد المهدي، وكُلّف الوزير السابق محمد علاوي بتشكيل الحكومة.

وكان أنصار مقتدى الصدر في صفوف المحتجّين إلى أن أعرب الصدر عن دعمه لمحمد علاوي، الذي يرفضه سائر المحتجّين لكونه مرشحاً عن الأحزاب التي يتظاهرون ضدها منذ أشهر.

ومنذ تغيير الصدر موقفه، انقسم المتظاهرون إلى معسكرين وتصاعد التوتر إلى حدّ وقوع أعمال عنف أسفرت عن سقوط قتلى.

وتبنى أصحاب القبعات الزرق وهم أنصار الصدر اقتحام ساحة الاحتجاج في النجف، لكن الشرطة كذلك متّهمة بالتقصير بسبب عدم منع حدوث الصدامات.

وبعد حادثة النجف الدامية التي أسفرت عن مقتل سبعة متظاهرين، ألمح رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي بالتنحي في حال استمرار العنف ضد المتظاهرين.

وقال في كلمة إن "الممارسات هذه تضعنا في زاويةٍ حرجة، لا يُمكن حينها الاستمرار بالمهمة الموكلة إلينا مع استمرار ما يتعرض له الشباب".

وفي ظلّ هذا التوتّر بين التيار الصدري وسائر المتظاهرين، ظهرت هذه المنشورات التي تتحدّث عن وجود "عملاء" في صفوف المحتجين. وتبنّت هذه المنشورات صفحات مؤيّدة لمقتدى الصدر.

 

حقيقة الصور

لكن أي إعلان مماثل لم يصدر عن السلطات العراقية.

وبحسب صحافيي وكالة فرانس برس في بغداد "لا يوجد أي إعلان رسمي عن قضية من هذا النوع".

أما الصور الواردة في المنشورات فهي توثّق أحداثاً وقعت في أوقات سابقة ولا علاقة لها بالمتظاهرين في العراق، بحسب ما أظهر التفتيش عنها على محرّكات البحث.

 

الصورة الأولى: معتقلون إلى الحائط

Image

هذه الصورة التي تُظهر من يبدو أنهم موقوفون في سجن ووجوههم إلى الحائط هي من فيلم وثائقي عن سجن تدمر في سوريا صدر في العام 2016، ولا علاقة لها بالعراق.

 

Image

 

وقد أعيد استخدامها مرات عدّة كصورة تعبيرية مرفقة بـ مقالات عن سوريا.

 

الصورة الثانية: معتقلون عراة الصدور ومنكّسو الرؤوس

Image

الصورة الثانية منشورة على الإنترنت منذ العام 2015 على الأقل، بحسب ما وقع عليه فريق فرانس برس.

وهي نُشرت أولاً على أنها في سجنّ لبناني شهد تمردًا في تلك السنة.

ثم أعيد نشرها في مقالات مختلفة عن السجون العربية في أوقات لاحقة، ولا علاقة لها باحتجاجات العراق.

 

الصورة الثالثة: أربعة موقوفين أمام مضبوطات

Image

أما هذه الصورة فقد تبيّن أنها ملتقطة في مصر، وتصوّر توقيف عصابة اتجار بالمخدرات في العام 2017، ولا علاقة لها بالعراق أصلاً، وقد تداولتها وسائل إعلام مصريّة منذ ذلك الحين، أي قبل أكثر من عامين على انطلاق الاحتجاجات العراقية.

Image

 

 

الصورة الرابعة: موقوفون مقيدّون أمام طاولة عليها رزم من الدولارات

Image

أما هذه الصورة الرابعة فقد نشرتها وسائل إعلام عراقية مرفقة بأخبار عن توقيف شرطة مدينة كربلاء عصابة من ثلاثة أجانب متهمين بالسرقة. ولا علاقة لهذا التوقيف بأي قضية سياسية أو احتجاجات كما تقول المنشورات المضللة.

 

Image

 

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا