كلا، فيلم "فتنة" لم يتضمن مشهداً لمصاحف في مزرعة خنازير

حظيت صورة تُظهر مصاحف مرمية أرضاً في مزرعة أمام خنزيرين على أنها ملتقطة من فيلم "فتنة" الدنماركي المثير للجدل، بعشرات آلاف المشاركات على مواقع التواصل باللغة العربية. لكن هذه الصورة مركّبة.

 

بماذا نحقق

تظهر الصورة خمسة مصاحف على الأقل ملقاة على الأرض أمام خنزيرين يبدو أحدهما وكأنه يقضم أحد هذه المصاحف.

وجاء في التعليق المرفق بهذه الصورة "في الدنمارك، منظر يُبكي والله، هذه الصورة من فيلم فتنة"، الذي أنتجه في العام 2008 النائب الهولندي غيرت فيلدرز المعروف بموافقه المعادية للإسلام.

ويضيف التعليق "حان الوقت لتفعيل المقاطعة بصدق وجديّة..فنحن 1,6 بليون مسلم"، داعياً إلى مشاركة الصورة بكثافة على مواقع التواصل.

 

انتشار الصورة والتعليق

حصل المنشور على أكثر من 26 ألف مشاركة من هذه الصفحة وحدها.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 14 أيلول/سبتمبر 2019 من موقع فيسبوك
 

وبحسب ما وقع عليه فريق تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربية بدأ انتشار الصورة في هذا السياق في نيسان/أبريل من العام 2010. وما زال هذا المنشور متداولاً بعد تسع سنوات على ظهوره، وشاركه في اليوم السابق لإعداد هذا التقرير أكثر من أربعة آلاف و500 مستخدم.

ما موضوع الفيلم المذكور في المنشور؟ 

في العام 2008، نشر النائب الهولندي غيرت فيلدرز المنتمي إلى اليمين المتطرّف، فيلماً تسجيليّا قصيرا على الإنترنت مدّته 17 دقيقة بعنوان "فتنة" ينتقد فيه الإسلام ويصفه بالعنف. وقد دعا فيلدرز إلى حظر القرآن على غرار حظر كتاب "كفاحي"، لهتلر معتبراً أنه ينبغي تمزيق بعض المقاطع منه.

أثار الفيلم ومواقف فيلدرز نفسه استياء في العالم الإسلامي وقلقاً غربياً من ردود فعل عنيفة على غرار ما جرى بعد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد التي نشرت في الدنمارك عام 2005 وأثارت احتجاجات عنيفة في عدد من الدول الإسلامية.

كما تسبب الفيلم بسجال كبير في هولندا، وجرت محاكمة فيلدرز بتهمة التحريض على الكراهية والتمييز العنصري ضد المسلمين، لكن المحكمة برّأته معتبرة أنه "عبّر عن آرائه" في ظل "الوضع والجدل الدائر في المجتمع الذي كان يتحدث في إطاره كسياسي". وأثنى فيلدرز على قرار تبرئته معتبرا أنه "انتصار لحرية التعبير".

لكن هل يتضمّن الفيلم مشهداً يُظهر مصاحف في مزرعة للخنازير؟

يبدأ الفيلم، وهو هولندي وليس دنماركيا كما جاء في المنشور، بمشاهد من اعتداءات11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، ثم يستعرض عمليات أخرى نفّذها إسلاميون متطرفون في العالم، فيربط هذه الهجمات بآيات من القرآن وبمواقف وتصريحات لرجال دين وقادة مسلمين.

ويتضمّن الفيلم مشاهد قاسية جداً، وهو منشور على موقع فيميو.

لكن فريق تقصّي صحّة الأخبار الذي شاهد الفيلم بكامله، لم يعثر فيه على الصورة المتداولة على مواقع التواصل.

 

من أين أتت الصورة إذاً؟

أرشد التفتيش على الصورة على محركّات البحث إلى صورة مشابهة لكن لا تظهر فيها مصاحف مطروحة أرضاً.

Image

وهذه الصورة تُنشر مع مقالات علميّة أو اقتصادية وتجاريّة حول الخنازير. 

وعثر فريق فرانس برس على نسخة مؤرشفة للصورة نفسها منشورة في العام 2007، أي قبل عام على ظهور الفيلم، وقبل ثلاث سنوات على ظهور المنشور الكاذب، يمكن الاطلاع عليها هنا.

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا