هذه اللقطات من الأقمار الاصطناعية لا تُظهر جثثاً في الفاشر
- تاريخ النشر 5 ديسمبر 2025 الساعة 13:06
- المدة اللازمة لقراءة المقال: 3 دقيقة
- إعداد: أف ب ماليزيا
- ترجمة خدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربيّة
منذ سقوط مدينة الفاشر في غرب السودان تتوالى تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف عِرقي وخطف واعتداءات جنسية، فيما تؤكد منظمات حقوقية وقوع عمليات قتل على أساس عرقي في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع. في هذا السياق، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورٌ مأخوذة من الأقمار الاصطناعية زعم ناشروها أنها تُظهر جثثاً ودماءً في المدينة. إلا أن المشاهد في الحقيقة التقطت عام 2024 وتعود لمنطقة تبعد مئات الكيلومترات عن الفاشر.
يتضمّن الفيديو لقطات تبدو مأخوذة من الأقمار الاصطناعيّة. وقال ناشروها إنها تصوّر "الأراضي السودانيّة وإن البقع الداكنة فيها هي دماء السوادنيين".
بدأ انتشار هذا الفيديو في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر 2025 بعدما سيطرت قوات الدعم السريع في السادس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر على مدينة الفاشر آخر معقل للجيش السوداني في إقليم دارفور (غرب) بعد حصار استمر نحو 18 شهراً.
ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 نزاعاً دامياً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من القتلى ونزوح ملايين المدنيين.
ومنذ سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، باتت المدينة الواقعة في غرب السودان مقطوعة عن الاتصالات بشكل شبه كامل، ما جعل صور الأقمار الاصطناعية مصدرًا رئيسيًا للمعلومات عمّا جرى فيها.
وتفيد صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت منذ ذلك التاريخ بوقوع إعدامات ميدانية ووجود مقابر جماعية وتجمعات حمراء اللون وجثث حول الجدار الترابي الذي بُني حول المدينة. ويتطابق ذلك مع الروايات التي ينقلها الشهود عن الفظائع المرتكبة هناك.
كما ذكر تقرير لمختبر البحوث الإنسانية في جامعة يال أن صوراً ملتقطة بالأقمار الاصطناعية دفعتهم للاعتقاد أن عدداً كبيراً من سكان الفاشر قد "قُتلوا أو أُسروا أو أنهم يختبئون". (أرشيف)
ورصد التقرير ما لا يقل عن 31 تجمّعًا لأجسام يُحتمل أن تكون لجثث بشرية في أحياء سكنية وفي حرم جامعي ومواقع عسكرية.
لكنّ اللقطات التي تداولها مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا تندرج في تقرير المختبر، لا علاقة لها بالانتهاكات المزعومة في الفاشر. فما حقيقتها؟
حقيقة الفيديو
أرشد التفتيش الأولي عن الفيديو إلى نسخة مطابقة منشورة على إنستغرام بتاريخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر مرفقة بالادعاء نفسه، تتضمّن إحداثيات الموقع.
ويظهر في شريط البحث العائد إلى"غوغل إيرث" أنّ الموقع الذي صوّرت فيه المشاهد هو الكومة، وهي بلدة تبعد نحو 400 كيلومتر عن الفاشر.
على ضوء ذلك، يرشد التعمّق في البحث ضمن "غوغل إيرث" إلى اللقطات نفسها المستخدمة في المنشورات المضلّلة مسجّلة بتاريخ 16 آذار/مارس 2024.
ويمكن العثور على لقطات للموقع نفسه بتواريخ مختلفة مثل شباط/فبراير 2024 وآذار/مارس 2022 تظهر فيها أجسامٌ وعناصر مشابهة ما يشير إلى أنّ المكان يشهد حركة متكرّرة حول النقطة نفسها.
ماذا تظهر المشاهد؟
يقول المحقّق بواسطة المصادر المفتوحة بنجامين ستريك لخدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس إنه عثر خلال تحليل المنطقة المحيطة بالموقع على مشاهد مماثلة في نقاطٍ عدّة، ما يشير إلى أنّه منطقة تجمّع للماشية على الأرجح. (أرشيف)
ويوضح أنّ زوايا الظلال الظاهرة في اللقطات لا تتوافق مع ظلّ جسدٍ بشري ممدّد على الأرض، فلكي يترك الجسد ظلًا وهو ممدّد "يجب أن يكون كبيرًا جدًا. لذلك فمن المرجّح أن ما يظهر هو صفّ من الجمال، إذ تميل الجمال إلى الوقوف في قطعان".
كما أشار إلى أن البقعة الداكنة على الأرض، التي فسّرها البعض بأنها دماء، هي موجودة في صور تعود إلى العام 2022.
وبحسب مراسل فرانس برس في السودان تشهد منطقة الكومة حركة بيع وشراء وتجارة جمال، ويعتبر وجود ألواح الطاقة الشمسيّة دليلاً على أنّ هذه النقطة قد تكون مسلخاً أو نقطة لبيع المواشي أو الوقود.
وبغضّ النظر عن طبيعة الأجسام الظاهرة في هذه اللقطات، فهي لا تمتّ بصلة إلى ما يحصل في مدينة الفاشر وهي مسجّلة عبر خدمة "غوغل إيرث" في منطقة تبعد مئات الكيلومترات منذ العام 2024 .
حقوق النشر لوكالة فرانس برس 2017-2025: أي استخدام تجاري للمادة يتطلب اشتراكاً. اضغطوا هنا لمعرفة المزيد من التفاصيل
هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟
تواصلوا معنا