الدخان المنبعث من الطائرات هو أبخرة مكثّفة وليس غازات سامّة

تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لطائرات ينبعث منها دخان كثيف مع الادعاء أنها ترش مواد كيميائية مضرة عمداً. لكن الادعاء مضلّل والأدخنة المنبعثة من الطائرات اعتيادية وتتخذ أشكالاً معيّنة وفق عوامل فيزيائية بحسب ما أفاد به خبراء لوكالة فرانس برس.

يظهر في المقاطع المتداولة طائرات وهي تحلّق مخلّفة وراءها دخاناً كثيفاً.

وجاء في الادعاء المرافق أن الغازات المنبعثة "غير طبيعية" وتُرشّ بشكل متعمد لإلحاق الضرر بالناس. وذهبت صفحات للقول إن الطائرة ترش "غاز الكيمترايل في سماء الدول ليتسبب في حالات مرضية".

Image
صورة ملتقطة من الشاشة بتاريخ 11 نيسان/أبريل 2023 عن موقع فيسبوك

ويأتي تداول هذه المقاطع على غرار منشورات مشابهة وبلغات عدّة تدّعي أنّ ما يظهر خلف الطائرة هو غازات سامّة يطلق عليها المروّجون لنظريات المؤامرة اسم "كيمترايل"، بغرض نشر السّموم، بحسب زعمهم.

لكن انبعاث أدخنة من الطائرات لا يدلّ على رشّ السّموم في الهواء بل هو أمر اعتيادي.

فما حقيقة الدخان إذاً؟

أوضحت ناتالي أوري مديرة المرصد الفيزيائي للكرة الأرضية كليرمون فيرون لوكالة فرانس برس أنه "عندما نرى خطوطًا بيضاء، فإن الأمر يتعلّق بظاهرة التكثيف - تحول الغاز إلى سائل - وتشكّل قطرات من الماء السائل التي تعتمد مدتها وحجمها على "الظروف المحلية المرتبطة بدرجة الحرارة والضغط".

وأضافت أوري لفرانس برس عام 2021 أنّ مستويات الرطوبة والضغط الجوي تختلف مع الارتفاع في طبقات الجوّ، وعند مستويات معيّنة تتكثّف هذه الأبخرة وتظهر بشكلٍ شبيه بالدخان الأبيض.

وبحسب مديريّة الطيران المدني في فرنسا تتشكّل هذه الخطوط "على ارتفاع يتراوح بين 7000 و8000 متر مع نسبة رطوبة تقارب الـ70% ودرجات حرارة أقلّ من 35 درجة مئويّة".

وأفادت المديريّة لفرانس برس أنّ "النتيجة الطبيعيّة لهذه العوامل الفيزيائيّة هو تشكّل البخار المكثّف الذي يظهر على شكل خطوطٍ بيضاء".

من جهته أوضح نائب مدير وحدة SAFIRE للأبحاث الجويّة في فرنسا، جان-كريستوف كانونيسي لفرانس برس عام 2021 أنّ الأبخرة الناجمة عن احتراق وقود الطائرة تخلق طبقة من الهواء الساخن فوق طبقة أكثر برودة فتعلق قطرات المياه وتتمدّد أفقياً مشكّلة خطوطاً بيضاء.

كيف يحدث التكثيف؟

أثناء تحليقها، تُخرج الطائرة بخار الماء، وهي كما يشرح جان كريستوف كانونيسي "قطرات صغيرة من الماء ناتجة عن احتراق الغازات (في المفاعلات)، تختفي بسرعة كبيرة في الكتل الهوائية الأكثر جفافاً".

ويضيف كانونيسي أنّ الطائرات تخرج أيضاً جسيمات ناتجة عن احتراق الوقود تجتذب بدورها بخار الماء ليظهر بهذا الشكل الأبيض.

من ناحية أخرى، قد تضطر بعض الطائرات إلى تفريغ وقودها أثناء إجراءات الطوارئ. ويوضح المكتب الفدرالي السويسري للطيران المدني (FOCA) أن مثل هذه المناورات تتعلق أساساً بطائرات المسافات الطويلة التي يجب أن تحترم "ارتفاع طيران كافٍ" من أجل "منع أي تلوث للأرض والمياه" مؤكداً أن الوقود "يتبخر بمجرّد أن يغادر الخزان في شكل قطرات صغيرة".

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا