صورة لجداريّة عن لقاح كوفيد-19 في جاكارتا بتاريخ 8 شباط/فبرارير 2021 (AFP / Demy Sanjaya)

حملة التلقيح ضدّ كورونا تواجه حملة شرسة من الشائعات المضلّلة على مواقع التواصل

في وقت تتهيّأ فيه بلدان المنطقة العربية لحملات التلقيح ضدّ فيروس كورونا المستجدّ، يجد مواطنوها أنفسهم أمام زخم من الأخبار المقلقة التي تحاصرهم بين مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات واتساب مروراً بأحاديث الشارع ووصولاً إلى ما يُلقى على بعض وسائل الإعلام حول مخاطر مزعومة لهذه اللقاحات وقصص خياليّة معقّدة تعزّز نظريات المؤامرة المتّصلة به.

في ما يلي، تُلخّص خدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربية في وكالة فرانس برس أبرز الأخبار الكاذبة حول اللقاحات التي ضجّت بها مواقع التواصل في الأسابيع القليلة الماضية.

هل تحتوي اللقاحات على روبوتات صغيرة أو شرائح لتسجيل المعلومات؟

من أبرز الشائعات المتداولة في كافّة أصقاع العالم، أن لقاحات كورونا المستجدّ تحتوي على جسيمات أو روبوتات صغيرة يمكن أن تسجّل البيانات الخاصّة للإنسان متلقّي اللقاح.

لكن، وبصرف النظر عن إمكان وجود نوايا من هذا النوع أم لا، من المستحيل تقنياً تنفيذ ذلك حالياً، إذ "لا وجود حتى الآن لتقنيّة تتيح إدخال روبوتات إلى الجزيئات النانوية في اللقاح"، كما شرح خبراء لوكالة فرانس برس في هذا التقرير.

وفي هذا السياق أيضاً، فإن الشائعات المتداولة عن خطّة لرجل الأعمال الأميركي بيل غيتس لزرع شرائح تجمع المعلومات عن متلقّي اللقاح، هي من صنع خيال مطلقيها الذين يجدون دائماً من يصدّق هذا النوع من الأخبار الغرائبيّة.

عقم وخلايا أجنّة مجهضة

في فيديو يمتدّ على خمس دقائق لاقى انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل في العالم أجمع ولاسيما في المنطقة العربية وروسيا وتشيكيا، تنكبّ سيّدة على إقناع المشاهدين بأن لقاح أسترازينيكا/أوكسفورد يحتوي على خلايا "أم آر سي-5"، وهي خلايا من أجنّة بشريّة.

لكن صاحبة الفيديو وقعت على ما يبدو في التباس بسبب اطّلاعها المنقوص على دراسة نشرتها جامعة بريستول تحدّثت عن اختبار العقار على خلايا الأجنّة البشريّة وليس عن استخدامها في تركيبه، بحسب ما يظهر هذا التقرير المفصّل لخدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس.

وظهرت منشورات أثارت قلق المستخدمين من أن لقاح فايزر يحتوي على مادّة تسبّب العقم لدى النساء، وتداولها آلاف المستخدمين على مواقع التواصل حول العالم بلغات عدّة منها مثل الإنكليزية والألمانية والبرتغالية إضافة إلى العربية، لكن هذا الادعاء غير صحيح وفيه خلط علمي، بحسب ما أوضح خبراء مستقلّون لوكالة فرانس برس في تقرير مفصّل.

تغيير الحمض النووي لمتلقّي اللقاح؟

ولعلّ من أكثر الشائعات عن اللقاحات المضادّة لفيروس كورونا المستجدّ أنها تحتوي على مواد جينيّة تؤدّي إلى تغيير الحمض النووي للإنسان.

صحيح أن هناك تقنيات طبيّة تقوم على إدخال مادّة معيّنة في مجين الإنسان لعلاج أمراض معيّنة، لكن هذه ليست حال لقاحات كورونا المستجدّ. فما يجري في هذه اللقاحات أنها تستخدم مواد جينيّة معدّلة لإيهام جهاز المناعة أنه أمام فيروس كورونا المستجدّ، لكن جهاز المناعة سرعان ما يقضي على هذه المواد ويخرجها من الجسم ثم يكتسب مناعة بعد ذلك ضدّ الفيروس.

أما الحديث عن أن اللقاح يمكن أن يغيّر الحمض النووي للإنسان، فهو ليس سوى "هذيان تام"، على حدّ قول خبراء في علم المناعة لوكالة فرانس برس في هذا التقرير.

مؤامرة معقّدة

وفي سياق غير بعيد، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي باللغات الهولندية والألمانية والفرنسية والسلوفاكية والإسبانية، إضافة إلى العربية، قصّة معقّدة عن علاقة خفيّة بين مختبر ووهان في الصين، الذي تتهمه شائعات بـ"تصنيع" الفيروس، وشركات إنتاج اللقاح وشركات التأمين وبعض أثرياء العالم، بما يوحي بوجود مؤامرة متشعّبة الأطراف تمتدّ خيوطها في أرجاء القارات الخمس.

لكن هذه الحبكة ليست سوى قصّة يختلط فيها شيء قليل من الوقائع بكمّ كبير من الهذيان والأضاليل، بحسب ما بيّنت خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس في هذا التقرير المفصّل.

وفي سياق الحديث عن مؤامرة، تناقل مستخدمون لمواقع التواصل فيديو لمسؤولة أسترالية تبدو فيه وهي تتظاهر بتلقّي اللقاح أمام عدسات المصوّرين، ورأى ناشرو الفيديو فيه دليلاً على وجود تضليل للرأي العام.

صحيح أن المسؤولة الأسترالية كانت في هذه اللقطة تتظاهر بتلقّي لقاح، وهو اللقاح المضاد للانفلونزا وليس لكوفيد-19، ولكن ليس لخداع الناس، وإنما لأن المصوّرين فاتتهم لحظة تلقيها اللقاح فعلياً، فأعادت أخذ الوضعيّة نفسها لتتيح لهم التقاط صورهم. ويمكن الاطلاع على تفاصيل هذه الحادثة في هذا التقرير.

رفض اللقاح ووفيات بسببه

ومن المنشورات الداعية لرفض اللقاح، ظهر على مواقع التواصل باللغة العربية فيديو قيل إنه يُظهر تظاهرة لأطباء إسرائيليين تنديداً بموافقة السلطات على استخدام اللقاح.

لكن الفيديو في الحقيقة لا علاقة له بذلك، بل هو يصوّر تظاهرة لمتدرّبين في القطاع الطبّي الإسرائيلي وهم يطالبون وزير الصحّة بتقليص عدد ساعات العمل، بحسب ما أظهر هذا التقرير لخدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربية.

وظهر على مواقع التواصل في الآونة الأخيرة خبر عن أن وفاة الصحافي المغربي صلاح الدين الغماري كانت بسبب تلقيه لقاح سينوفارم الصيني، مرفقاً بصورة للغماري وهو يتلقى حقنة. لكن الادعاء كاذب والغماري توفي نتيجة أزمة في القلب، أما الصورة المستخدمة في المنشور لتأييد الادعاء فهي صورة مركّبة، بحسب ما يبيّن هذا التقرير.

أخبار متفرّقة

في المقابل، ظهر اعتباراً من الأول من الشهر الجاري باللغات العربية والإنكليزيّة والفيليبينيّة منشور ينسب للبابا فرنسيس قوله إن تلقّي اللقاح شرط لدخول الجنّة، لكن الخبر غير صحيح وهو ظهر أولًا على موقع ساخر ثم التبس على الكثيرين فانتقل إلى صفحات مواقع التواصل على أنه حقيقي.

وظهرت صورة قيل إنها لابنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهي تتلقى اللقاح، لكن الشابة الظاهرة في الصورة ليست ابنة بوتين، بل هي متطوّعة روسية تدعى ناتاليا.

أما الصورة التي انتشرت على أنها تُظهر أوغور شاهين، مدير عام شركة بيونتيك الألمانية التي أنتجت أحد اللقاحات، وهو طفل حافي القدمين مع عائلته الفقيرة المهاجرة، فلا علاقة لها به ولا بعائلته، بل هي صورة لعائلة تركية أخرى هاجرت إلى ألمانيا في الثلث الأخير من القرن العشرين.

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا