هذا المقطع لا يصوّر نقل وزراء في حكومة عمر البشير إلى السجن

انتشر على مواقع التواصل باللغة العربية مقطع مصوّر على أنه يُظهر توقيف الجيش السوداني وزراء حكومة البشير وعدداً من المسؤولين، مثيراً تعليقات إيجابية وسلبية، لكن المقطع في الحقيقة يصوّر إخراج الجيش مجموعة من حزب المؤتمر الشعبي من مكان اجتماعهم بعدما هاجمهم متظاهرون غاضبون.

-بماذا نحقق؟-

تداول آلاف المستخدمين هذا المقطع الذي تظهر فيه آليات عسكرية وسيارات شحن تنقل عدداً من الرجال وسط جمعٍ غاضب يرجمونهم بالحجارة والتراب.

ونشر هذا المقطع على أن الرجال المنقولين في الشاحنات هم أعضاء في حكومة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير ومسؤولون سياسيون.

ونشر أيضاً على موقع يوتيوب:

وأثار الفيديو تعليقات متباينة بين من أبدوا الشماتة في عمر البشير ومعاونيه وتمنوا أن يصيب ذلك المسؤولين في حكومات عربية أخرى، وبين من أعربوا عن استيائهم من هذه الحادثة.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 16 أيار/مايو 2019 من موقع فيسبوك
 
 
Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 16 أيار/مايو 2019 من موقع فيسبوك
Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 16 أيار/مايو 2019 من موقع فيسبوك

 

بحسب ما وقع عليه فريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، بدأ نشر هذا المقطع على موقع فيسبوك بعد فجر الأول من أيار/مايو، وهو ما زال متداولاً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، وصار متداولاً أيضاً باللغات الأجنبية.

 

-سياق نشر المقطع-

ينتشر هذا المقطع بعد أسابيع على إطاحة الجيش السوداني بنظام الرئيس عمر البشير وتوقيفه وعدد كبير من المسؤولين، إثر احتجاجات شعبية امتدت لأشهر أنهت حكماً استبدادياً استمرّ ثلاثين عاما.

وعمد الجيش إلى توقيف عدد كبير من المسؤولين السياسيين والقياديين في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، كما نشر متظاهرون مقاطع توثّق دخولهم منازل لكبار المسؤولين بعد فرارهم منها أو بعد توقيفهم.

 

-عناصر مثيرة للشكّ-

لكن المقطع يحمل عناصر تبعث على الشكّ في أن يكون فعلاً لتوقيف وزراء في حكومة البشير، منها استبعاد أن يوضع الوزراء بهذا الشكل، في شاحنات مفتوحة ومن دون حراسة كافية.

إثر ذلك، عمد فريق تقصّي صحّة الأخبار إلى البحث بين المقاطع المصوّرة المنشورة عن أحداث السودان، واعتماد كلمات مفتاحية في البحث مثل "القبض" و"سجن"، وسرعان ما ظهرت مجموعة من المقاطع منها المقطع نفسه ولكن بعنوان آخر "القبض على خلية إرهابية في السودان.."، نُشر في السابع والعشرين من نيسان/أبريل.

 

لكن التعليقات على هذا المقطع شكّكت في أن يكون عنوانه صحيحاً هو الآخر، وأشار بعض المعلّقين إلى أن الرجال الظاهرين في المقطع ليسوا وزراء بل أعضاء في حزب المؤتمر الشعبي هاجمهم المتظاهرون أثناء اجتماعهم في صالة "قرطبة" في الخرطوم.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 16 أيار/مايو 2019 من موقع يوتيوب

-ماذا جرى في صالة قرطبة؟-

يوم السبت في السابع والعشرين من نيسان/أبريل، هاجم أشخاص بالحجارة اجتماعاً لأعضاء حزب المؤتمر الشعبي، المتحالف مع البشير في صالة قرطبة في حيّ الصحافة بالخرطوم، ما أدى إلى إصابة 32 شخصاً من المشاركين.  

وقالت سهير صلاح نائبة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي لفرانس برس "هاجمت مجموعة اجتماعاً لمجلس شورى حزب المؤتمر الشعبي في صالة قرطبة جنوب الخرطوم"، ورشقوا "المجتمعين بالحجارة ما أدى إلى إصابة 32 منهم وتهشيم عشرة سيارات".

وكان لحزب المؤتمر الشعبي الذي أسّسه الإسلامي حسن الترابي وزيران في حكومة البشير بينهما سهير صلاح، وسبعة نوّاب في البرلمان.

وأكّد التحالف الذي يقود التظاهرات أنّ الاعتداء حادث فردي، وقد تناقلته وسائل إعلام ومواقع سودانية وعالمية.

وأمكن العثور على المقطع نفسه منشوراً على أنه محاصرة المتظاهرين لعناصر من حزب المؤتمر الشعبي.

وقد تدخّلت قوات من الجيش لإخراج المجتمعين من أعضاء المؤتمر الشعبي من بين الحشد الغاضب ونقلتهم إلى سجن كوبر في الخرطوم ثم أطلقت سراحهم.

ونشر المقطع أيضاً ممن يبدو أنهم مؤيديون للمؤتمر الشعبي.

ونشرت مقاطع عن حادثة صالة قرطبة تتشابه العناصر فيها مع تلك الواردة في المقطع قيد التحقيق، من حيث لون الآليات العسكرية الخضراء ولون الشاحنات البيضاء وطبيعة المكان، ويظهر اسم الصالة في الخلفية.

 

-خلاصة-

في السابع والعشرين من نيسان/أبريل، هاجم متظاهرون اجتماعاً لحزب المؤتمر الشعبي القريب من البشير، واشتبكوا معهم، فتدخّل وحدات عسكرية وأخرجت المجتمعين من بين المتظاهرين. وقد وُثّقت هذه الحادثة بمقاطع التقطتها هواتف نقّالة، لكن واحداً من هذه المقاطع أعيد نشره اعتباراً من فجر الأول من أيار/مايو على أنه يُظهر توقيف الجيش لوزراء في حكومة البشير.

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا