عامل في مسجد "نور الإسلام" في مانشستر في بريطانيا يصلّي في الرابع والعشرين من نيسان/أبريل 2020 في ظلّ انتشار فيروس كورونا (AFP / Oli Scarff)

القصّة المتداولة عن سبب إسلام الباحث البريطاني تيموثي وينتر ليست صحيحة

​في أواخر السبعينات من القرن العشرين، اعتنق الباحث البريطاني تيموثي جون وينتر الإسلام وهو في مطلع شبابه، وغيّر اسمه إلى عبد الحكيم مراد، وتخصّص في الدراسات الإسلاميّة في جامعة الأزهر في مصر، ثم أسّس معهداً إسلامياً عالياً في بريطانيا وأصبح من الشخصيات المسلمة ذات التأثير في العالم.

لكن القصّة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية عن سبب تحوّله إلى الإسلام ليست صحيحة.

في السنوات الماضية، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية منشورات تتحدّث عن تحوّل تيموثي وينتر، المولود في العام 1960، إلى الإسلام.

وجاء في المنشورات أن تيموثي وينتر، الذي وُصف بأنه كان ملحداً، كان يستمع لبرنامج إذاعيّ، وسمع امرأة صومالية تعيش في إنكلترا تطلب المساعدة، فقرّر مساعدتها والقول لها إن مصدر المساعدة هو الشيطان.

وتضيف المنشورات أن السيّدة الصومالية قالت حين استلمت المساعدة "إن الله إذا أراد شيئاً حتى الشياطين تطيعه"، فدُهش الباحث من جوابها وتحوّل من "ملحد علماني" إلى الإسلام.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في العاشر من حزيران/يونيو 2021 من موقع فيسبوك

تفاصيل القصّة غير صحيحة

صحيح أن تيموثي وينتر اعتنق الإسلام، على غرار عدد من الباحثين الغربيين الذين تثير قصص إسلامهم اهتماماً على مواقع التواصل، مثلما تثير قصص تحوّل آخرين إلى المسيحيّة اهتماماً وجدلاً.

لكن تفاصيل إسلامه المذكورة في المنشور ليست صحيحة.

ففي هذه المقابلة، أسهب تيموثي وينتر، أو عبد الحكيم مراد كما صار اسمه، في شرح ملابسات إسلامه، متحدثاً بلغة عربية فصيحة.

ووصف رحلته إلى الإسلام بأنها "رحلة هادئة ولكن طويلة بعض الشيء".

وأضاف "كان عمري بين السادسة عشرة والسابعة عشرة، أردتُ أن أفهم ما حولي من مظاهر ونظم كونيّة (..) قرأت في العلوم والأديان (..) وكان ذلك أواخر السبعينات".

وروى عبد الحكيم مراد أن نظرة الرجل الغربي للإسلام والمسلمين آنذاك "كانت مختلفة عن النظرة المشبوهة اليوم" بعد ظهور التيارات المتشدّدة.

وقال "كان المثقّف الغربي إذا نظر للإسلام والمسلمين يستذكر جمال الفنّ الإسلاميّ (..) والأدب وقرى (إكرام) الضيف وحسن الظنّ بالآخرين".

وأضاف "كنت أدخل مساجد الشرق الأوسط وأرسم الناس، وكان الناس كلّهم يتعاملون بحسن أدب معي، فأثّر ذلك فيّ".

ورداً على سؤال عمّا إن كانت هناك نقطة تحوّل معيّنة جعلته يقرّر اعتناق الإسلام، نفى ذلك، وقال "كانت رحلة".

ومن فصول هذه الرحلة أنه كان يقصد كنيسة في بريطانيا "للمسيحييّن الموحّدين، يحافظون على الطقوس المسيحيّة ويؤمنون بالإنجيل، ولكنهم لا يعتقدون بالثالوث ولا بألوهيّة المسيح".

وخلص إلى القول "بعد ذلك وجدتُ أنه ليس هناك أي عائق أو مانع عقائديّ أو منطقيّ من الدخول في الإسلام".

وليس في هذه القصّة التي رواها الباحث بنفسه ما يتوافق مع ما جاء في المنشورات المتداولة.

من أين جاءت القصّة المتداولة إذاً؟

بحسب ما وقع عليه صحافيو خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، ظهرت هذه القصّة في السنوات الماضية على مواقع التواصل، وأيضاً رواها رجال دين في حلقات مسجّلة، لكن القصّة هذه لم تكن عن الباحث البريطاني، بل هي من القصص والأمثال التي تُروى على سبيل التعميم ومن دون أسماء.

وأمكن العثور على منشور يعود إلى العام 2015 وردت فيه القصّة بحذافيرها، لكن من دون ذكر عبد الحكيم مراد.

وأمكن أيضاً العثور على مقطع فيديو يظهر فيه رجل دين مسلم وهو يروي القصّة نفسها كذلك، وأيضاَ من دون ذكر الباحث البريطاني.

ويبدو أن الخلط بين هذه القصّة، التي قد تكون متخيّلة، وقصّة إسلام عبد الحكيم مراد، بدأت في وقت لاحق، وأمكن العثور على أولى هذه المنشورات المضلّلة في العام 2018.

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا