هذا الفيديو لا يُظهر قيادياً في تنظيم الدولة الإسلامية يدعو من تركيا لقتال الأكراد

تداول عشرات الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل فيديو على أنه يُظهر قيادياً في تنظيم الدولة الإسلامية يدعو في الآونة الأخيرة من تركيا لقتال الأكراد، لكن الفيديو يعود إلى العام 2016 وهو يُظهر في الحقيقة قيادياً في المعارضة السورية من الأقلية التركمانية لم يورد في خطابه أي دعوة للقتال ضد الأكراد.

يظهر في المقطع المصوّر رجل ملتحٍ بزيّ عسكري يدخل قاعة وسط هتافات حضور يبدو أنه يضمّ أنصاراً له، فيعتلي منصّة علّق خلفها علم تركي وراية "لا إله إلا الله" باللون الأبيض، ثم يلقي كلمة باللغة التركية.

وجاء في التعليق المرافق للفيديو على هذه الصفحة "شارك الفيديو وافضح الدولة التركية الداعشية..في الفيديو أحد زعماء تنظيم داعش في تركيا البارحة واليوم عقد أكثر من 6 اجتماعات في مدينة ملاتيا واديامان ويدعو أهالي هذه المدن للجهاد ضد الكورد" في سوريا.

وحصل هذا المنشور على أكثر 663 ألف مشاهدة و15 ألف مشاركة من هذه الصفحة وحدها وأكثر من 91 ألف مشاهدة وثلاثة آلاف مشاركة من هذه الصفحة إضافة إلى آلاف المشاركات من صفحات أخرى.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2019 من موقع فيسبوك

ونشر المقطع أيضاً على موقع يوتيوب.

وتبيّن لفريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس أن الفيديو بدأ بالانتشار في هذا السياق في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2016. 

"نبع السلام"

وأعيد التداول بالفيديو في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019،  مع إطلاق تركيا عملية عسكرية برّية وجوّية في شمال شرق سوريا بمؤازرة فصائل معارضة سوريا مدعومة منها، ضد وحدات حماية الشعب الكردية، التي دعمها الغرب في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بعد يومين من سحب واشنطن عشرات من جنودها من نقاط حدودية في شمال سوريا، ما بدا بمثابة ضوء أخضر أميركي لتركيا.

وتصف أنقرة هذه الوحدات بأنها "إرهابية" لاعتبارها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا داميا داخل الأراضي التركية مستمرا منذ عقود.

وتريد أنقرة من خلال هجومها إقامة منطقة عازلة بعمق 32 كلم تحت سيطرتها في شمال سوريا تفصل بين المقاتلين الأكراد وحدودها، ويمكنها أن تنقل إليها قسما كبيرا من 3,6 ملايين لاجئ سوري لديها.

واتُّهمت تركيا لفترة طويلة بالتغاضي عن الجهاديين الذين يعبرون حدودها للانضمام إلى القتال في سوريا بعد اندلاع النزاع في هذا البلد عام 2011. لكن بعدما استهدفها تنظيم الدولة الإسلامية بعدة اعتداءات، انضمت عام 2015 إلى التحالف المعادي للجهاديين.

لكن أنقرة عادت واتُّهمت في الأسابيع الماضية بإضعاف الكفاح ضد عناصر التنظيم المتفرقين بشنها عمليّة "نبع السلام" على المقاتلين الأكراد، غير أنها تنفي دعم أي مجموعة متطرفة.

عناصر مثيرة للشكّ

يحتوي المنشور على مجموعة من العناصر التي تبعث على الشكّ في صحّة ما جاء فيه.

ومن هذه العناصر وجود راية "لا إله إلا الله" باللون الأبيض إضافة إلى العلم التركي، علماً أن تنظيم الدولة الإسلامية يعتمد الراية السوداء حصراً ويعتبر أعلام كلّ الدول القائمة حالياً أعلام كفر.

من جهة أخرى، يُستبعد أن يُستقبل قيادي في تنظيم الدولة الإسلامية بشكل علني على هذا النحو وفي مكان عام في تركيا، في وقت تعلن أنقرة عداءها لهذا التنظيم.

ويمكن اختصار ما جاء في المنشور بأن الفيديو:

1- يُظهر قيادياً في تنظيم الدولة الإسلامية

2- يدعو من تركيا للجهاد ضدّ الأكراد في سوريا

من هو المتحدث؟

سرعان ما تعرّف صحافيو فرانس برس على الرجل الذي يتحدث في الفيديو، وهو ليس قيادياً في تنظيم الدولة الإسلامية بل قائد لمجموعة مسلّحة من المعارضة السورية ينتمي عناصرها إلى الأقلية التركمانية وتنشط في اللاذقية شمال شرق سوريا، واسمه عمر عبد الله، وليس عبد الحميد أبو حمزة كما جاء في المنشور.

ويطلق على هذه المجموعة اسم فرقة السلطان عبد الحميد، وسبق أن تناولها تقرير لفريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس  في آذار/مارس 2019.

ماذا يقول المتحدث؟

أرشد تقطيع الفيديو إلى صور والتفتيش عنها عبر محرّكات البحث إلى العثور على المقطع الأصلي منشوراً في العام 2016 على أنه لحفل في بلديّة مالاتيا في شرق تركيا.

إثر ذلك تواصل فريق تقصّي صحّة الأخبار مع مكتب إسطنبول في وكالة فرانس برس.

وأفاد الصحافيون العاملون فيه أن عبد الله عمر لا يأتي على ذكر دعوة للجهاد ضدّ الأكراد، بل هو يتحدث عن صمود قواته أمام هجمات "النظام السوري وروسيا والميليشيات اشيعية وتنظيم الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني"، و"يشكر الله على الطريق المقدّس الذي فتحه لنا، وعلى هذه المهمة المقدّسة وهذه الأرض التي أورثها لنا أجدادنا".

وفي المقطع الأصلي الكامل، يتابع عمر عبد الله حديثه منتقداً الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وعن صعوبات القتال حالياً في سوريا في ظلّ وجود "مجموعات شيعيّة مدعومة من إيران وطيران روسي".

ويضيف أن لا وجود لعناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في صفوف معسكره وأن روسيا تهاجمهم مستخدمة "هذا الادّعاء الخطأ".

ولاحظ عدد من المستخدمين أن المنشور غير صحيح، وكذلك أصدرت منصّة "تأكّد" المتخصصة في تقصّي صحّة الأخبار تقريراً عن هذا الخبر المضلّل.

وسبق أن أثارت عملية "نبع السلام" سيلاً من الأخبار المضلّلة على مواقع التواصل تناول فريق تقصّي صحّة الأخبار عدداً منها هنا وهنا.

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا