تحويل آيا صوفيا إلى مسجد يُطلق العنان للأخبار الكاذبة على مواقع التواصل باللغة العربية
- منشور قبل أكثر من سنة
- تاريخ النشر 29 يوليو 2020 الساعة 14:48
- اريخ التحديث 3 سبتمبر 2020 الساعة 16:37
- المدة اللازمة لقراءة المقال: 4 دقيقة
- إعداد: خدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربيّة
حقوق النشر لوكالة فرانس برس 2017-2024: أي استخدام تجاري للمادة يتطلب اشتراكاً. اضغطوا هنا لمعرفة المزيد من التفاصيل
لكن هذه الأخبار، وعلى غرار كثير مما يُنشر على مواقع التواصل بالتزامن مع المستجدات المحليّة أو العالميّة، لا أساس لها من الصحّة.
من كنيسة إلى مسجد ثمّ متحف ثمّ مسجد
شيد البيزنطيون كنيسة آيا صوفيا في القرن السادس وكانوا يتوّجون أباطرتهم فيها. وأدرجت هذه التحفة المعمارية على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وتعدّ واحدة من أهم الوجهات السياحية في اسطنبول.
بعد استيلاء العثمانيين على القسطنطينية في العام 1453، حوّلت الكنيسة إلى مسجد. وبقي الحال على هذا النحو إلى العام 1935، حين حوّلت إلى متحف بقرار من رئيس الجمهورية التركيّة الفتيّة حينذاك مصطفى كمال أتاتورك بهدف "إهدائها إلى الإنسانية".
لكن السلطات التركيّة أبطلت في الآونة الأخيرة قرار تحويلها إلى متحف لتعود بذلك مسجداً كما كانت في زمن الدولة العثمانيّة، وقد فّتحت أبوابها فعلاً أمام المصلّين المسلمين في الرابع والعشرين من تموز/يوليو.
"كنائس من جماجم المسلمين"
وبعد الانتقادات التي أثارها هذا القرار، وفي سياق الدفاع عنه وتبريره، تداول الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صورًا على أنها لكنيسة في البرتغال بُنيت من عظام المسلمين.
لكن هذه الصور تعود في حقيقة الأمر لكنيستين في هذا البلد جُمعت فيهما عظام مقابر مجاورة ورفات رهبان، ولا علاقة للمسلمين بالأمر.
وظهرت أيضاً على مواقع التواصل صور لممرّ تكدّست على جدرانه وأعمدته عظام موتى وجماجم، وادّعى ناشروها أنها تُظهر كنيسة فرنسية بُنيت من جماجم العرب والمسلمين.
لكن هذا الادّعاء كاذب أيضاً فهذه الصور تُظهر ما يطلق عليه اسم "سراديب الموتى في باريس"، وهي أكبر مقبرة في العالم وتضمّ رفات ملايين الباريسيين، ولا علاقة للمسلمين بالأمر هنا أيضاً.
وفي السياق نفسه، ظهرت على مواقع التواصل باللغة العربية صور قال ناشروها إنها تُظهر مسجداً في إسبانيا حُوّل في الماضي إلى مخزن للخمور، وكتب بعض الناشرين "مخزن للنبيذ في الأندلس.. كان يوماً مسجداً"، وأضافوا وسم #رسالة_لمن_ينتقد_إعلان_آيا_صوفيا.
مخزن للنبيذ بالأندلس...
— أنتـوخـہ هـانـم ✏ (@Monia_6) July 11, 2020
كان يوما ما مسجد ..!!#ايا_صوفيا pic.twitter.com/WLMVVLDtkA
لكن هذا الادعاء خطأ، ومخزن الخمور هذا لم يكن يوماً مسجداً، بل هو بني في العام 1974 ليكون قبواً لتخزين النبيذ.
إطلاق اسم محمد مرسي على آيا صوفيا
وبعد أيام على إصدار تركيا قرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد في العاشر من تموز/يوليو، انتشر بين روّاد مواقع التواصل باللغة العربية خبر عن إطلاق اسم "مسجد الشهيد محمد مرسي" على آيا صوفيا.
وبحسب ما وقع عليه فريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، ظهر هذا المنشور بين صفوف مؤيدي الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان وبين معارضيه على حدّ سواء.
لكن الخبر لا أساس له من الصحّة، بل ما زال اسم آيا صوفيا على حاله.
من جهة أخرى، تباهى آلاف مؤيدي إردوغان على موقع فيسبوك ويوتيوب بمقطع مصوّر قالوا إنه يظهره وهو يقرأ الآيات الأولى من سورة البقرة في آيا صوفيا بعد تحويلها إلى مسجد.
لكن هذا الفيديو ملتقط في الحقيقة في مسجد الأمّة في أنقرة عام 2019، أثناء إحياء ذكرى ضحايا الانقلاب الفاشل الذي وقع في 15 تموز/يوليو 2016، ولا علاقه له بمسجد آيا صوفيا.
وقد عاد إردوغان وقرأ آيات من القرآن فعلاً في آيا صوفيا في 24 تموز/يوليو، لكن المقطع الذي انتشر قبل ذلك كان غير صحيح.
"غضب إلهي" وبوتين يهدّد إردوغان
أما من جهة المعترضين على القرار التركي، فقد ظهرت على مواقع التواصل مقاطع فيديو على أنها تُظهر فيضانات في تركيا في الأيام الماضية كنوع من التأديب الإلهي على هذا القرار.
وكتب ناشرو هذه المقاطع "حوّلت تركيا آيا صوفيا إلى جامع، وبدأ تأديب الله".
لكن هذه المقاطع مصوّرة ومنشورة عام 2018 وليس في الأيام الماضية كما ادّعى ناشروها.
وفيما أثار القرار التركي استياء من حول العالم ولاسيّما في الدول الأرثوذكسيّة مثل اليونان، انتشر على مواقع التواصل مقطع قال ناشروه إنه يصوّر نائباً يونانياً يمزّق علم تركيا احتجاجاً على قرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد.
وإذا كانت اليونان من الدول التي انتقدت القرار التركيّ بحدّة ودقّت كنائسها الأجراس حزناً، وأحرق بعض المتظاهرين فيها العلم التركي فعلاً، إلا أن الفيديو المتداول لا علاقة له بكلّ ذلك، بل هو ملتقط قبل أشهر في بروكسل، وهو يصوّر نائباً يونانياًَ يمزّق العلم التركي خلال نقاش حول حالة المهاجرين في الجزر اليونانية، ولا علاقة لآيا صوفيا بكلّ ذلك.
واتّجهت أنظار بعض مستخدمي مواقع التواصل باللغة العربية ممّن يعارضون تحويل آيا صوفيا لمسجد، إلى روسيا على أمل أن تتمكن من كبح قرار الرئيس التركي.
وفي هذا السياق، ظهر منشور يدّعي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتمع مع رأس الكنيسة الأرثوذكسية البطريرك كيريل تحت صورة القدّيس قسطنطين المعروف في التراث المسيحيّ بأنه ناصر المسيحيين، وهدّد إردوغان بمسح تركيا عن الخريطة.
بعد اجتماع القيصر ورأس الكنيسة الارثوذكسية المسكونية المشرقية ومدير عام كتدرائيات القسطنطينية. #بوتين ? خطوة #اردوغان جاهلة وغبية فلتلعلم #تركيا وفكرها المريض اننا قادرون على مسحها من الخريطة قبل ان يكمل اردوغان حلاقة ذقنه?#أياصوفيا كنيسة وستبقى راس الدولة القسطنطنية المشرقية pic.twitter.com/cs5gyCrvFJ
— Soha Kikano official (@SohaKikano) July 13, 2020
لكن كلّ ما في هذا المنشور غير صحيح، فالرئيس الروسي لم يلتق رئيس الكنيسة الأرثوذكسية بعد قرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، واللوحة الظاهرة في المنشور تصوّر أسقفاً روسيا يتلو خطاباً في ذكرى الحرب العالميّة الثانية وليس القديس قسطنيطين، ولم يدل بوتين بأي تعليق علنيّ حول هذا القرار، بل اعتبرته بلاده "شأناً تركياً داخلياً".
هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟
تواصلوا معنا