هذه الصورة ليست للبنانيّ يستغيث لتأمين أكسيجين لابنه بل لأب يحمل جثة ابنه في سوريا

في وقت تشتدّ فيه حدّة أزمة الكهرباء في لبنان، في سياق انهيار اقتصادي شامل، تداول مستخدمون لمواقع التواصل صورة يدّعي ناشروها أنّها لأب يستغيث طالباً تشغيل جهاز الأكسيجين لابنه في مدينة طرابلس اللبنانيّة. صحيح أنّ نداءات استغاثة عدّة أطلقها لبنانيون لإنقاذ مرضى باتوا في خطر جراء انقطاع الكهرباء، إلا أنّ هذه الصورة تحديداً مركّبة والرجل الظاهر فيها يحمل جثة ابنه بعد قصفٍ تعرّض له حيّ الصاخور في مدينة حلب السوريّة عام 2012.

يظهر في الصورة رجل يحمل طفلاً يضع قناع أكسيجين في وسط شارع. وكُتب فوق صورة الأب "سيموت ابني إن لم أجد مكاناً فيه كهرباء لأشغّل جهاز الأكسيجين"، أمّا صورة الابن فكُتب إلى جانبها "بابا لا أستطيع التنفّس".

Image

وأشار المنشور إلى أنّ الصورة ملتقطة في 30 حزيران/يونيو 2021 في حيّ باب التبّانة في مدينة طرابلس، كبرى مدن شمال لبنان.

ويعدّ حيّ باب التبانة أحد أفقر الأحياء الشعبيّة في لبنان، وأكثرها حرماناً وإهمالاً من السلطات على مدى عقود، ما رفع فيه مستويات البطالة والتسرّب المدرسيّ، ودفع شبّاناً منه لحمل السلاح والانخراط في أعمال عنف.

مشكلة كهرباء متفاقمة

نالت الصورة مئات المشاركات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر، في ظلّ أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في لبنان صنّفها البنك الدوليّ من بين الأشدّ في العالم منذ عام 1850.

وفاقمت هذه الأزمة مشكلة الكهرباء التي يعاني منها اللبنانيون منذ عقود، ودفعتهم للجوء إلى المولّدات الخاصّة، التي تعوّض نقص إمدادات الدولة مقابل فاتورة مرتفعة.

وفي الأسابيع الماضية تراجعت قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التيار ووصلت ساعات الانقطاع يومياً إلى 22 ساعة، فيما بدأ أصحاب المولدات الخاصّة بإبلاغ مشتركيهم بالتوقف عن تزويدهم بالتيار الكهربائي نتيجة نفاد مخزونهم من المازوت، وسط شحّ في الوقود.

إثر ذلك انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات خلال الأيّام الماضية للبنانيين يناشدون السلطات تأمين الكهرباء ليتمكنوا من تشغيل أجهزة الأكسيجين لأطفالهم.

صورة مركّبة

لكنّ الصورة المتداولة لا علاقة لها بذلك.

فقد أرشد التفتيش عبر محركات البحث إلى أنّها مركّبة من صورتين.

الأولى المستخدمة كخلفيّة، التقطها مصوّر فرانس برس بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 2014 وتظهر بالفعل حيّ باب التبانة في طرابلس بعد جولة عنف بين مسلّحين والجيش اللبناني.

Image
رجل لبناني يقود دراجته بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 2014 في حيّ باب التبانة في طرابلس بعد جولة عنف بين مسلّحين والجيش اللبناني ( ا ف ب / ابراهيم شلهوب)

أما الثانية التي تظهر الرجل حاملاً ابنه، فاقتُطعت من صورة (1,2) ملتقطة في مدينة حلب شمال سوريا وزّعتها وكالة EPA بتاريخ 4 تشرين الأول/أكتوبر 2012.

وتظهر الصورة رجلاً يحمل جثّة ابنه بعد تعرّض حيّ الصاخور لقصفٍ من قوات النظام في سوريا أودى بحياة أكثر من 80 شخصاً.

Image
رجل يحمل جثّة ابنه بعد تعرّض حيّ الصاخور لقصفٍ من قوات النظام في سوريا أودى بحياة أكثر من 80 شخصاً بتاريخ 4 تشرين الأول/أكتوبر 2012 ( وكالة epa)

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا