معلومات مضلّلة عن شعر مستعار لأميرة مصريّة قديمة تغزو مواقع التواصل الاجتماعي

تكتسب حضارة مصر القديمة أهميّة بالغة بين الحضارات نظراً لغناها وتقدّمها في مجالات عدّة. وكثيرة هي المعلومات والاكتشافات الأثريّة المثيرة الموثّقة عمّا قدّمته هذه الحضارة، إلا أنّ رواداً لمواقع التواصل الاجتماعي لا يوفّرون فرصة لضخّ معلومات غير صحيحة عنها ما يساهم في التضليل وصرف الانتباه عمّا هو صحيح. آخر المنشورات تدّعي العثور على شعر مستعار مطرز بالذهب بحالة جيّدة يعود لإحدى زوجات "تحتمس الثالث" عمره أكثر من ثلاثة آلاف سنة. إلا أنّ كل ما أوردته المنشورات لا صحّة له بحسب الخبراء الذين شرحوا أن الشعر المستعار في الصورة ليس حقيقياً بل هو نسخة طبق الأصل عن شعر متحلّل يعود على الأرجح إلى أميرة مصريّة قديمة أخرى اسمها سات حتحور.

يبدو في صور المنشورات شعر مستعار مطرز وتزيّنه حلقات ذهبية.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة بتاريخ 17 أيار/مايو 2024 عن موقع فيسبوك

وعلّق ناشرو الصورة بالقول: "هذه +الباروكة+ (الشعر المستعار) عمرها حوالي 3450 سنة، يعني أنها كانت موجودة قبل وجود أكثر من 90% من الدول الموجودة الآن على هذه الكرة الأرضية"، وأضافوا أنه يعود لـ "إحدى زوجات تحتمس الثالث" وأنه عثر عليه في "البرّ الغربي بمحافظة الأقصر" (صعيد مصر). وفصّلوا قائلين إن الشعر "مطرّز بعناية فائقة بالذهب وفي حالة جيّدة".

حصدت المنشورات آلاف التفاعلات عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيّما المصريّة منها.

معلومات مغلوطة وتزوير للحقائق التاريخية

لكن جلّ ما ادعته المنشورات لا أساس له من الصحة، بحسب ما أكّده خبيران في الآثار المصرية لوكالة فرانس برس.

وفي التفاصيل، نفى علي عبد الحليم، وهو أستاذ في كلية الآثار في جامعة عين شمس المصرية ومدير عام المتحف المصري في التحرير لصحافيي وكالة فرانس برس، صحة كلّ ما جاء في المنشورات. وشرح قائلاً "إن الشعر المستعار الظاهر في الصور هو تصميم حديث طبق الأصل"، وليس شعراً مستعاراً يعود لعهود مصر القديمة.

وصُنع هذا الشعر المستعار محاكاة لشعر مستعار أصليّ عُثر عليه متحلّلاً في  مقبرة الأميرة سات حتحور (ويطلق عليها أيضاً اسم سات حتحورات أيونت)، والمرجح أنها ابنة الملك سنوسرت الثاني وزوجة أمنمحات الثالث سادس فراعنة الأسرة الثانية عشر.

وشدّد قائلاً "لا يعود الشعر المستعار إلى زوجة تحتمس الثالث كما روّجت المنشورات المضلّلة".

ويضيف الخبير المصري أن مقبرة الأميرة سات حتحور "عثر عليها في العام 1914 في الجهة الجنوبية من هرم "سنوسرت" في قرية اللاهون في محافظة الفيوم المصرية" ، وليس في البرّ الغربي لمحافظة الأقصر، كما ادّعت أيضاً المنشورات.

شعر مستعار حقيقي؟

ويؤكد مدير عام المتحف المصري أن مقبرة الأميرة سات حتحور هي أبرز نموذج يجسد فنّ الحُليّ في مصر القديمة. فلقد عثر داخلها على عدد كبير من الكنوز الخاصة بالأميرة، ومنها تيجان وعقود وصناديق خشبية مطعمة بالعاج ومرآة من الفضة ومجوهرات منقوش عليها إسم الملك أمنمحات الثالث.

وبعض هذه الكنوز معروض حاليًا في المتحف المصري في التحرير، أما ما تبقى منها فموجود في متحف المتروبوليتان في الولايات المتحدة الأمريكية من بينها هذا الشعر المستعار الذي يحاكي الأصليّ.

تصميم طبق الأصل 

وهذا الشعر المستعار الحديث الصنع، صُمّم كصورة طبق الأصل عن شعر مستعار أصلي عثر عليه متحللًا في واحد من صناديق الأميرة سات حتحور. أماّ الحلقات الذهبية التي زيّنت  الشعر فهي أصليّة أخذت من الشعر المستعار الذي وجد متحللًا ووضعت بنفس الطريقة تقريباً في التصميم الجديد.

وتتّفق الباحثة الأثرية أمنية صالح، المتخصصة في مجال الملابس والحليّ في مصر القديمة مع الخبير المصري علي عبد الحليم فتقول في اتصال هاتفي مع صحافيي خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس "إن الشعر المستعار المعروض حاليًا في متحف المتروبوليتان هو حديث الصنع، وقد صمّم ليتطابق بالكامل مع شكل الشعر المُستعار (الأصليّ) الذي تحلّل بفعل عوامل الزمن".

وتؤكّد أيضاً على أنّ الحلقات الذهبية "أصلية"، وقد عُثر في الصندوق على ما يزيد عن 1200 حلقة ذهبية بحجمين مختلفين، كانت تزيّن الشعر المستعار الأصلي.

ماذا يقول متحف المتروبوليتان عن الشعر المستعار؟

يرشد البحث العكسي عن صور الشعر المستعار إلى الصفحة الرسمية لمتحف المتروبوليتان الأمريكي، التي خصّصت للشعر المستعار زاوية خاصّة. 

ويشير الوصف المرافق لهذه التحفة إلى أنه عثر في الصناديق الخشبية على 1251 حلقة ذهبية بحجمين مختلفين، كانت تزين الشعر المستعار الذي تحلّل، وقد تم وضعها على الشعر المستعار الحديث.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة بتاريخ 17 أيار/مايو 2024 عن موقع متحف المتروبوليتان للفنون

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا