هذا الفيديو قديم ولا يُظهر إقدام سودانيين على تسليم عناصر من الدّعم السريع للجيش حديثاً

تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي ولا سيّما في السودان فيديو قيل إنّه يُظهر قيام مواطنين سودانيين بالقبض على عناصر من قوّات الدّعم السريع وتسليمهم إلى الجيش، في ما يوحي بأنه مصوّر حديثاً في ظلّ النزاع المدمّر المتواصل منذ أكثر من شهر بين الطرفين. لكن هذا الفيديو منشور في الحقيقة قبل سنوات.

يظهر في الفيديو حشد من المدنيين يتحلّقون حول شاحنة وُضع عليها عناصر مُقيّدون بلباس عسكري يُشبه لباس مقاتلي قوّات الدّعم السريع، وينهال عليهم جنود بالضرب وسط تهليل الحشد.

وجاء في التعليقات المرافقة أن الفيديو يُظهر مدنيين "يقومون بالقبض على عدد من الجنجويد وتسليمهم لقوّة تتبع للجيش".

وقوّات الدّعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، انبثقت من ميليشات الجنجويد المرهوبة الجانب والمتّهمة بارتكاب فظاعات في إقليم دارفور غرب السودان، وهي كانت - قبل اندلاع نزاعها مع الجيش منتصف نيسان/أبريل الماضي - قوّة تابعة للسلطات.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 21 أيار/مايو 2023 من موقع فيسبوك

وحصد الفيديو بهذا السياق مئات المشاركات وشوهد مئات آلاف المرّات على موقع فيسبوك في الأيام والساعات الماضية.

وبحسب ما وقع عليه صحافيو خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، بدأ انتشار الفيديو بهذه الصيغة في الثامن عشر من أيار/مايو الجاري.

أما البحث عن انتشار الفيديو حديثاً على موقع تويتر، فلم يُرشد سوى إلى حسابات نشرته مع الإشارة إلى أنّه قديم.

إزاء ذلك، تبيّن بتتبّع تعليقات الناشرين والمعلّقين عندهم أن الفيديو منشور في العام 2019 على صفحة "حزب المؤتمر السوداني" المعارض.

وبالفعل، يمكن العثور على الفيديو منشوراً على صفحة حزب المؤتمر السوداني على فيسبوك في السابع من حزيران/يونيو من العام 2019، ما يدحض أن يكون حديثاً مثلما ادّعى ناشروه في الأيام الماضية.

Image

ماذا جرى آنذاك؟

نُشر الفيديو آنذاك بعد أيّام على فضّ اعتصام أمام القيادة العامّة للقوّات المسلّحة بالخرطوم في الثالث من حزيران/يونيو 2019 وقمع المتظاهرين في الأيام التالية، ما أسفر عن مقتل 61 شخصاً وفق السلطات وأكثر من مئة وفق حركة الاحتجاج.

ووجّهت حركة الاحتجاج الاتّهام بشكل أساسيّ لقوّات الدعم السّريع المتحالفة آنذاك مع الجيش. وبعد ذلك بأيام، في العاشر من الشهر نفسه، أعلن المجلس العسكريّ توقيف "عدد من منسوبي القوّات النظاميّة" على خلفيّة فضّ الاعتصام، من دون تحديد القوّة التي ينتمون لها.

وفي ذلك الحين، نشرت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المؤيّدة للاحتجاجات مشاهد عدّة تُظهر رجالاً يرتدون الزي الرسمي لقوات الدعم السريع وهم يضربون مدنيين عزّل، وظهرت مقاطع كثيرة تتحدّث عن وقوف عناصر من الجيش إلى جانب المحتجّين بوجه إفراط الدّعم السريع باستخدام القوّة مع المدنيين.

في ذاك السياق، نشر حزب المؤتمر السوداني في حزيران/يونيو 2019 هذا الفيديو، على أنّه يُظهر قيام مدنيين باعتقال عناصر من الدعم السريع وتسليمهم للجيش.

لماذا عاد الفيديو للانتشار مع الادّعاء بأنّه جديد؟

يُرجّح أن يكون سبب انتشار الفيديو من جديد هو إعادة مشاركته على بعض الصفحات السودانيّة المؤيّدة للجيش ردّاً على موقف حزب المؤتمر السوداني، وهو أحد أطراف قوى الحرّية والتغيير الداعيّة إلى وقف إطلاق النار "بين الطرفين".

ويمكن ملاحظة التعليقات على الفيديو، وانتقاد حزب المؤتمر على ما اعتُبر وقوفاً على الحياد بين القوّات المسلّحة الرسميّة، وبين الدعم السريع التي كان يسميها قبل سنوات "مرتزقة الجنجويد".

ويرى حزب المؤتمر السوداني حالياً أن حلّ الأزمة في السودان يبدأ بوقف إطلاق نار بين الطرفين وانتهاج مسار الحلّ السياسيّ السلميّ، وهو ما يثير حفيظة بعض المتحمّسين للجيش الرافضين موقف الحياد في هذا القتال.

وبعد إعادة نشر الفيديو في هذا السياق، انتقل الفيديو إلى صفحات أخرى نشرته على أنّه جديد، سواء بسبب الالتباس أم على سبيل التضليل العمد.

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا