تقرير خرافي عن وصول الفراعنة إلى المريخ ينتشر على مواقع التواصل باللغة العربية

ظهر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تقرير مصوّر باللغة العربية يتحدّث عن وصول الفراعنة إلى المريخ، مستشهداً بأقوال لـ"خبراء". لكن هؤلاء "الخبراء" الذين استشهد بهم التقرير ليسوا سوى هواة معروفين بأفكارهم الغريبة، أما الخبير الحقيقي الوحيد الذي ورد اسمه في التقرير - عالم الآثار المصريّ زاهي حوّاس - فقد نفى لوكالة فرانس برس صحّة ما نُسب إليه من معلومات "خرافية".

تظهر في الفيديو شابة تقدّم تقريراً مرفقاً ببعض المشاهد. وجاء فيه أن علماء وخبراء قالوا إن المركبات غير المأهولة التي هبطت على سطح المريخ عثرت على تماثيل تثبت وجود حياة على الكوكب الأحمر.

وذكرت المذيعة عدداً ممن قالت إنهم خبراء، ومن بينهم خبير "سافر" فعلاً إلى المريخ، كما قالت.

ومن بين الخبراء الذين ذكرهم التقرير عالم الآثار المصريّ المعروف زاهي حواس الذي سبق أن شغل منصب وزير الآثار في بلده.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 20 تشرين الأول/اكتوبر 2022 من موقع فيسبوك

تقرير مزدحم بالمغالطات والمستحيلات!

لكن هذا التقرير الذي حصد عشرات آلاف المشاهدات والتفاعلات على صفحات مواقع التواصل، مليء بالأخطاء والمغالطات والخلط بين المسائل.

"كوريوسيتي" يعثر على تماثيل على المريخ؟

"كوريوسيتي" هو مسبار أميركي أطلق باتجاه المريخ وحطّ على سطحه فعلاً في صيف العام 2012، والهدف من رحلته البحث عن آثار حياة سابقة على سطح المريخ.

وقد عثر المسبار على "مؤشرات عن إمكانية وجود حياة سابقة على المريخ"، وعثر فعلأً على قطع صخريّة تكاد توحي للناظر إليها أنها تشبه وجه إنسان أو أداة أو هرماً أو غير ذلك، لكن هذه ظاهرة علمية معروفة، وهي أن يُشبّه العقل البشريّ الموجودات التي يراها بموجودات يعرفها ولا سيّما حين تكون الصور غير نقيّة. ولا يعني ذلك إطلاقاً أن المسبار عثر على تماثيل فرعونية مثلما يوحي التقرير.

"الصحافي" جو وايت

ينسب التقرير بعد ذلك إلى "الصحافي" البريطاني جو وايت قوله "إن ما نجده دليل دامغ على وجود حياة عاقلة عرفها المريخ في ماضيه البعيد"، وذلك بعد "تحليل" مقاطع مصوّرة بثّتها وكالة الفضاء الأميركية.

لكن جو وايت ليس صحافياً خبيراً بعلوم الفضاء مثلما يوحي التقرير، بل هو "هاوٍ لعلم الفلك" مقيم في بريطانيا يؤمن بوجود مخلوقات حيّة خارج الأرض ويبثّ على موقع يوتيوب مقاطع مصوّرة لهذه الغاية.

ويرى باحثون وعلماء فضاء أن هواة علم الفلك يقعون أحياناً في التباس عقليّ بصريّ، حين ينسبون لهذه الصخور أو الغبار الكوني شكلاً معروفاً مسبقاً للعقل البشري، مثل الوجوه، أو الأدوات، أو الأحرف.

سكوت ورانغ يتوجّه إلى المرّيخ!

بعد ذلك، يتحدّث التقرير عن باحث فضاء تايواني اسمه سكوت ورانغ سافر في العام 2014 مع فريق علميّ إلى كوكب المرّيخ، حيث عثر - وفقاً للتقرير- على أدلّة إضافيّة عن وجود حياة على المريخ.

لكن هذا الادعاء خياليّ. فلا أحد حتى الآن سافر إلى كوكب المريخ، والجِرم الوحيد الذي وطأته قدم الإنسان حتى الآن - غير الأرض - هو القمر.

ولا يتوقّع العلماء ووكالات الفضاء أن تنطلق أول رحلة مأهولة إلى كوكب المرّيخ قبل سنوات طويلة.

من جهة ثانية، سكوت ورانغ الذي ذكره التقرير ليس رائد فضاء مثلما قيل، بل هو ينشر أيضاً مقاطع على يوتيوب وعلى موقعه الإلكتروني عن "أدلّة" وجود حياة خارج الأرض تثير ردوداً علميّة عليها، علماً أن إمكانية وجود حياة ذكيّة خارج الأرض ليست مستبعدة لدى العلماء، لكن لا يوجد دليل قاطع عليها حتى الآن.

وينشر سكوت ورانغ آراءه بعد تحليل صور وكالة ناسا، وليس بعد "رحلاته الاستكشافيّة التي أجراها إلى المريخ" مثلما جاء في التقرير.

زاهي حوّاس: "هذه خُرافات على حساب العلم والحقيقة"

ثم بعد ذلك، انتقل التقرير لينسب لخبير الآثار المصريّ المعروف والوزير السابق زاهي حوّاس أنه تحدّث عن "إمكانية وصول الفراعنة إلى المريخ" وأنهم "بنوا أهرامات" هناك.

إزاء ذلك، قال زاهي حوّاس لصحافيي خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس "هذا كذب لا أساس له" متهماً مروّجي هذه الأخبار بالسعي "لتحقيق نسب مشاهدة عالية على حساب العلم والحقيقة".

وأضاف "لم أقل يوماً إن قدماء المصريين وصلوا إلى المريخ" و"لم تقل وكالة الفضاء الأميركية إنها عثرت على آثار فرعونية هناك.. هذه خُرافات لشغل الناس بخزعبلات لا أساس لها".

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا