صورة وزعتها وكالة فراس برس عام 1918 تظهر قيصر النمسا تشارلز الأول وزوجته الأميرة الإيطالية زيتا وأطفالهم في منزل على بحيرة جنيف ( ا ف ب)

المنشورات عن ارتداء نساء ملوك أوروبا النقاب تأثراً بالحضارة الإسلامية غير صحيحة

في سياق المنشورات التي تتناول تأثير الإسلام على الغرب، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قديمة بالأسود والأبيض ادعى ناشروها أنها لقيصر النمسا عام 1916 برفقة زوجته وهي منقّبة "أمام الشعب". إلا أن الادعاء غير صحيح، فزوجة قيصر النمسا لم تكن ترتدي نقاباً في الأماكن العامّة، والصورة المتداولة تُظهرها بزيّ خاص بالجنازات.

يظهر في الصورة بالأسود والأبيض رجل برفقة سيّدة منقبّة وطفل، يسيرون وسط حشد من الناس.

وجاء في التعليق المرافق "الصورة تعود لقيصر النمسا وزوجته المنقبّة عام 1916"، مشيرين إلى أن الغرب آنذاك كان متأثراً بالإسلام، وخصوصاً بالدولة العثمانيّة.

حصدت الصورة مئات المشاركات والتعليقات على مواقع التواصل من فيسبوك وتويتر، وركّزت التعليقات المرافقة لها على ما اعتُبر تأثراً غربياً بالحضارة الإسلاميّة.

الإسلام والغرب

صحيح أن أوروبا استفادت كثيراً في تاريخها من الحضارة العربيّة والإسلاميّة، وأن كثيراً من العلوم الغربية القائمة اليوم وضع أسسها علماء عرب أو مسلمون، لكن ما جاء في المنشورعن تأثّر أباطرة النمسا بالحجاب الإسلامي، أو بالنقاب المعتمد عند بعض المذاهب الإسلاميّة، غير صحيح.

فالزيّ الأسود الذي يغطّي الوجه لم يكن مفروضاً على نساء الأسرة الحاكمة في الأماكن العامّة مثلما ادّعت المنشورات المضلّلة.

من يظهر في الصورة؟

تُظهر هذه الصورة الإمبراطور كارل الأول، آخر حكّام الإمبراطوريّة النمسويّة المجريّة التي أودت بها الحرب العالمية الأولى كما أودت بالسلطنة العثمانيّة، إلى جانب زوجته الإيطالية زيتا وابنه أوتو.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 18 شباط/فبراير من موقع habsburger.net

والتقطت هذه الصورة في جنازة الإمبراطور فرانز جوزيف في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1916، بحسب مواقع تاريخيّة متخصّصة.

هل كان النقاب مفروضاً على نساء العائلة المالكة؟

يمكن العثور على العديد من الصور التي تظهر أميرات من عائلة هابسبورغ، التي حكمت الإمبراطوريّة النمساوية المجرية طوال خمسة قرون، من دون حجاب أو نقاب، من بينهنّ الأميرة زيتا نفسها.

وفي ما يلي صورة تُظهرها في زفافها عام 1911 وهي كاشفة وجهها ورأسها بين الناس.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة بتاريخ 18 شباط/فبراير من موقع وكالة غيتي للصور

ويمكن العثور على صور أخرى على هذا النحو على هذا الموقع المتخصّص بأخبار العائلات المالكة.

لماذا كانت ترتدي نقاباً أسود إذاً؟

كان النقاب الأسود شائعاً في المآتم والجنازات في أماكن عدّة من أوروبا ولا سيّما في القرن التاسع عشر.

وتحتفظ متاحف في أوروبا بملابس من هذا النوع، وهي ملابس متعلّقة بالعزاء وليس بالظهور في أماكن عامّة، مثلما ادّعت المنشورات المضلّلة.

وما زالت نساء في جماعات مسيحية عدّة في الشرق وفي آسيا وفي أوروبا يغطين رؤوسهنّ لدى دخولهنّ دور العبادة وفي المآتم، وهو تقليد مسيحيّ متوارث.

ويبدو أن آثار هذه العادة استمرّت في الغرب حتى العصر الحديث، ففي هذه الصورة التي وزّعتها وكالة فرانس برس عام 1963، تُشاهد زوجة الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي، جاكلين، وهي بخمار أسود شفّاف في يوم جنازته في السادس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من ذاك العام.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة بتاريخ 18 شباط/فبراير من موقع وكالة فرانس برس

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا