ألمانيا لم تّتهم فرنسا بعرقلة مشروع ضخم لإنتاج الطاقة في الجزائر

تداول عشرات الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل باللغة العربية مقطعاً مصوّراً يدّعي معدّوه أن وزيراً ألمانياً اتّهم فرنسا بعرقلة مشروع كبير لإنتاج الطاقة في الجزائر لمنع هذا البلد من فوائده الاقتصاديّة، لكن هذا الخبر لا أساس له من الصحّة.

 

-بماذا نحقّق-

يتضمن المقطع تقريرا يعلن عن "معلومات وحقائق خطرة حول تآمر فرنسا على إفشال وإجهاض أكبر مشروع لإنتاج الطاقة في العالم كان مقرراً إقامته في الصحراء الجزائرية"، وهو مشروع "ديزيرتيك".

ويحمل التقرير عنوان "ZDF الألمانية تكشف إجهاض فرنسا لأكبر مشروع للألواح الشمسية".

وينقل عن القناة الألمانية أن وزير الطاقة الألماني قال "كنا نريد الاستثمار مع الجزائر في أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم في الصحراء الجزائريّة، كان بإمكان الجزائر أن تزوّد أوروبا بالطاقة الكهربائية وتجني الملايين من الدولارات… لكن الحكومات السابقة رفضت لأن فرنسا عارضت الفكرة بشدّة لكي لا تستطيع الجزائر النموّ وتنويع الاقتصاد والخروج من التبعية".

ونال المقطع من هذه الصفحة وحدها أكثر من 47 ألف مشاركة وقرابة 800 ألف مشاهدة:

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 16 آب/أغسطس 2019 من موقع فيسبوك

وحصد آلاف المشاركات والمشاهدات من صفحات أخرى.

ونشر أيضاً على موقع يوتيوب

لا يذكر التقرير اسم الوزير الألماني لكن الصورة الواردة فيه هي لوزير الطاقة الألماني بيتر ألتايمر

Image

وهنا حسابه على موقع توتير.

 

-مصدر الخبر-

بحسب ما وقع عليه فريق تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربية في وكالة فرانس برس، نشرت التقرير قناة "السابعة TV" الجزائريّة التي يظهر شعارها في الأعلى، في الثامن عشر من نيسان/أبريل الماضي، وهي قناة رقميّة ظهرت بعد أيام على استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثالث من الشهر ذاته تحت ضغط الشارع وبعد تخلّي الجيش عنه.

وأرشد البحث عن مضامين مشابهة إلى المقطع التالي الذي بُثّ على موقع يوتيوب في اليوم نفسه بعنوان "شاهد ماذا قال الوزير الألماني عن المشروع الجزائري الأضخم في العالم".

وينقل المقطع التصريحات ذاتها لوزير الطاقة الالماني منسوبة أيضاً إلى القناة الألمانية ZDF.

ونشر بعد ظهر 18 نيسان/أبريل 2019 قبل بضع ساعات على نشر تقرير القناة الجزائرية.

وأمكن أيضاً العثور على هذا المقال المنشور في صباح اليوم نفسه بعنوان "فرنسا تآمرت على الجزائر وأجهضت أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم".

 

-ما هو مشروع "ديزيرتيك"-

لا تقتصر فكرة مشروع "ديزيرتيك" على إقامة محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في صحراء الجزائر، بل هو يطمح للاستفادة من صحاري منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط كمقدمة لتعميم الفكرة على كلّ صحاري العالم، كما يوضح جوناثان ووترز العضو في هيئة الإشراف على المشروع، وذلك بهدف توليد الطاقة النظيفة.

أطلقت فكرة المشروع في العام 2009، لكنه حتى الآن لم يتحقّق.

ويقول القائمون عليه إن أبرز ما يعيقه هو المشكلات المالية، فالجدوى الاقتصادية لا تغري المصارف بالقدر الكافي على ما يبدو لتقبل على تمويله. ودفع ذلك المسؤولين عن المشروع إلى إدخال تعديلات على خطّتهم، ومنها البدء بنموذج صغير يُدرّ عائدات مالية بسرعة.

 

-فرانس برس في برلين: "لا أثر لهذه التصريحات"-

يقول الصحافي ديفيد كوربيه من مكتب وكالة فرانس برس في برلين معلّقا على ما نُسب إلى الوزير الألماني إن "تصريحات كهذه، لو كانت صحيحة، لكانت أثارت اهتماماً كبيراًَ نظراً لخطورة الانتقادات الموجّهة لفرنسا مباشرة فيها".

ويضيف "في ظلّ العلاقات الألمانية الفرنسية المتوترّة بعض الشيء آنذاك حول مسائل اقتصادية، لكانت انتقادات كهذه بمثابة قنبلة".

ولم يعثر صحافيو فرانس برس في برلين في الصحافة الألمانية على "أي اثر لهذه التصريحات" المنسوبة إلى بيتر ألتماير والتي تتهمّ فرنسا بعرقلة المشروع.

 

-السفارة الألمانية: "هذه أخبار كاذبة"-

إضافة إلى ذلك، أصدرت السفارة الألمانية في الجزائر بياناً نشرته على صفحتها الرسمية على فيسبوك نفت فيه ما نُسب للوزير من تصريحات. 

وجاء في البيان "التصريحات المنسوبة لوزير الاقتصاد والطاقة الألماني، السيد بيتر ألتماير، حول مشروع "ديزرتيك" و التي نشرتها بعض صفحات الفيسبوك و الصحافة الإلكترونية، هي غير صحيحة".

ووصف البيان هذه الأخبار بأنها "فايك نيوز، أي أخبار كاذبة".

وصدر البيان مساء الثامن عشر من نيسان/أبريل الماضي، أي بعد ساعات على بدء انتشار الخبر المضلّل.

رغم هذا النفي، ورغم عدم وجود أثر للتصريحات المزعومة، ما زال تداول هذا المقطع مستمرّاً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.

 

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا