هذه الصورة بالأبيض والأسود ليست ملتقطة على ضفاف النيل في مصر بل على ضفاف السين في فرنسا

في سياق المنشورات التي تتغنّى بـ"الزمن الجميل" في المنطقة العربية مطالع القرن الماضي، ظهرت على صفحات مصريّة على مواقع التواصل الاجتماعي صورة بالأبيض والأسود قيل إنها تُظهر رجالاً ونساء جالسين أو ممدّدين على ضفاف نهر النيل عام 1934، لكن الصورة في الحقيقة مصّورة في باريس.

يظهر في الصورة رجال ونساء جالسين أو ممدّدين على ضفّة نهر، وجاء في التعليقات المرافقة أن الصورة ملتقطة عام 1934 في كفر الزيات الواقعة في دلتا النيل شمال مصر.

وبحسب ما وقع عليه صحافيو خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس بدأ انتشار هذه الصورة بهذا السياق في العام 2015، وما زالت متداولة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.

ويأتي ظهور هذا النوع من المنشورات في سياق المقارنة بين ما كانت عليه المنطقة العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، مع ما هي عليه اليوم.

وقد شهدت مصر والمنطقة العربية في تلك الآونة، ولا سيّما في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين نهضة فكريّة وأدبيّة وفنيّة، وازدهاراً للأحزاب السياسية والصحف والجمعيات.

وكثيراً ما تنشر صفحات معنيّة بالتراث في عدد من البلدان العربيّة، صوراً تظهر فيها مدن مرتّبة وشوارع نظيفة وكليّات جامعية متقدّمة، وغالباً ما تكون مرفقة بمنشورات تتأسّف على انقضاء ذاك "الزمن الجميل".

حقيقة الصورة

لكن هذه الصورة تحديداً ليست ملتقطة في مصر، مثلما ادّعت المنشورات المضلّلة.

يكفي مجرّد البحث على محرّك غوغل عن عبارة "كفر الزيات 1934" إلى تقرير أعدّته منصّة "متصدّقش" المصريّة المعنيّة بالردّ على المنشورات الزائفة على مواقع التواصل.

وبحسب التقرير الذي أعدّته المنصّة، التقطت هذه الصورة في باريس على ضفاف نهر السين، وليس في مصر على ضفاف النيل.

وبالفعل، فإن التفتيش عن الصورة على محرّكات البحث يرشد إلى عدد من الخيارات التي تشير إلى أن صاحب الصورة هو الفرنسي هنري كارتييه بريسون، وأنه صوّرها في العام 1955 على ضفاف نهر السين.

وعثر صحافيو فرانس برس على الصورة نفسها منشورة في موقع المتاحف الباريسية.

وأوضح الموقع أن الصورة ملتقطة في العام 1955 وهي تُظهر عدداً من الأشخاص يتنزّهون على ضفاف نهر السين.

Image

ويعدّ هنري كارتييه بريسون (1908-2004) من كبار المصوّرين في فرنسا والعالم.

وفي العام 2011، بيعت نسخة لصورة التقطها عام 1946 بعنوان "وراء محطة سان لازار باريس 1932" بمبلغ 433 ألف يورو، فيما بلغ إجماليّ إيرادات بيع صوره في دار كريستيز للمزادات أكثر من مليوني يورو وقتها.

Image
المصوّر الفرنسي هنري كارتييه بريسون في 13 تموز/يوليو 1994أثناء الدورة الخامسة والعشرين لمهرجان التصوير الدويل في آرل في الجنوب الفرنسي ( أف ب / إريك كانبيس)

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا