رجل يلبس ثوباً عثمانياً تقليدياً في آيا في إسطنبول في 24 تموز/يوليو 2020 ( أف ب / أوزان كوزي)

المنشورات التي تتحدّث عن ظهور أول لقاح في العالم في السلطنة العثمانية غير صحيحة

ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي بلغات عدّة حول العالم، ولا سيّما في العالم الإسلامي، منشورات تدّعي أن أوّل لقاح ظهر في العالم كان في السلطنة العثمانية في القرن الثامن عشر، وأرفقت بعض هذه المنشورات بصورة وثيقة قيل إنها شهادة تلقيح عثمانية من ذلك الحين. لكن الادعاء غير صحيح، فأول لقاح في العالم ظهر في بريطانيا، أما شهادة التلقيح المنشورة فتعود إلى مطالع القرن العشرين.

جاء في المنشورات أن طبيباًَ بريطانياً حاول إقناع الأوروبيين بفاعلية لقاحات الجدري مستنداً على أن "العرب في حلب والأتراك في إسطنبول كانوا يستخدمون التطعيم لعقود طويلة في عهد الخلافة العثمانيّة".

وأضاف المنشور أن زوجة السفير البريطاني في إسطنبول آنذاك كتبت رسالة هي أيضاً لاقناع الأوروبيين بجدوى اللقاح الذي يستخدمه مواطنو الدولة العثمانية.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 28 أيلول/سبتمبر 2021 من موقع فيسبوك

وأرفقت منشورات أخرى بصورة وثيقة قيل إنها شهادة تلقيح صدرت في الدولة العثمانية عام 1721، أو 1761 في منشورات أخرى.

Image
صورة ملتقطة من الشاشة في 28 أيلول/سبتمبر 2021 من موقع فيسبوك

وظهرت هذه المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بلغات عدّة حول العالم، ولا سيّما بالعربية والإندونيسيّة.

تقدّم علميّ في الدولة العثمانية

شهدت الدولة العثمانية، على غرار الإمبراطوريات التي حكمت العالم، أوقات ازدهار وتوسّع، قابلتها أوقات انحطاط وتراجع.

وقد شجّعت السلطات العثمانيّة، ولا سيّما في القرن التاسع عشر، الطبّ الغربيّ مقابل الطبّ التقليديّ، فظهرت كليات الطبّ في أرجاء السلطنة واستقدم لهذه الغاية أطباء من دول أخرى للمساهمة في هذه الحركة العلميّة.

واللقاحات؟

لكن أول لقاح في العالم لم يظهر في السلطنة العثمانيّة مثلما ادّعت المنشورات.

فقد ظهر أول لقاح فعّال في العالم على يد الطبيب البريطاني إدوارد جينير، وكان ذلك في العام 1796، وفقاً لمصادر علميّة عدّة من بينها لمنظّمة الصحّة العالميّة.

ما قصّة شهادة التلقيح المتداولة إذاً؟

ذُيّلت الوثيقة المتداولة، والتي قيل إنها تعود إلى العام 1721، بتأريخ 27 أغسطس 1322.

ويشير هذا العدد إلى السنة الهجرية، ما يعني أن هذه الوثيقة تعود إلى السنوات الأولى من القرن العشرين.

وبحسب عدد من المؤرخين والخبراء الذين استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس، ومن بينهم نوخيت فارليك المتخصصة في التاريخ العثماني، فإن الوثيقة مؤرّخة بحسب التقويم الرومي، وهو تقويم عثماني يختلط فيه التقويم الشمسي بالسنوات الهجريّة. ولا يمكن أن يكون هذا التاريخ متجاوزاً العام 1906 للميلاد.

وبحسب الخبراء، تُوثّق هذه الشهادة، الصادرة في السنوات الأولى من الأعوام 1900، تلقي شاب في الثانية والعشرين من العمر جرعة ثالثة من لقاح لم يُحدّد ضدّ أي مرض.

ما قصة رسالة زوجة السفير البريطاني لدى السلطنة؟

صحيح أن ماري مونتاغو توجهت برسالة إلى صديقتها عام 1717 تحدّثت فيها عن مرض الجدري.

لكنّ الرسالة لم تأت على ذكر أي نوع من اللقاحات، بل تناولت علاجاً معتمداّ في السلطنة العثمانيّة يطلق عليه اسم "التجدير" (variolation).

وكان هذا العلاج معتمداً في الصين وإفريقيا والسلطنة العثمانيّة قبل وصوله إلى القارة الأوروبيّة، ولم يخل من المخاطر.

فابن الملك جورج الثالث مثلا توفي بعد تلقي هذا العلاج.

هل لديكم أي شك حول صحة معلومة أو اقتباس أو صورة؟

تواصلوا معنا